حكاية شعب لا يخشى "كورونا"
رغم قناعتي التامة بضرورة اتباع كل معايير الحذر والسلامة، إلا أنني على يقين أن "المصريين" لن يتأثروا بانتشار أو حتى الإصابة بفيروس "كورونا"، لا لشيء سوى أن ما يتعرضون له منذ سنوات يعد أخطر بمراحل من تلك المحنة، وأن الله وهبة لهذا الشعب "حصانة" لم يمنحها لشعب آخر على وجه الأرض.
فلا أعتقد أن خطر "كورونا" على المصريين يمكن أن يقارن بتلك الجرائم التي ترتكب بحق هذا الشعب، بأيدي الآلاف من "معدومي الضمير" من مصنعي للأغذية وأصحاب المطاعم منذ سنوات، والتي تصل إلى حد جريمة "القتل العمد" ورغم ذلك عاش المصريون وما زالوا بحفظ الله.
فكيف لشعب مثل "المصريين" أن يتأثر بفيروس تافه مثل "كورونا" وهو الذي يأكل يوميا "دون أدنى رقابة" عشرات الأطنان من الأغذية غير الآدمية من "عربات الكبدة" التي تنتشر بشوارع القاهرة، والتي تحمل من الملوثات والأوبئة ما يكفي لإبادة أى شعب آخر، خاصة وأن أغلبها عبارة عن "دم مجمد" يتم تجميعه من السلخانات" وبيعه للمواطنين على أنه "كبدة".
اقرأ أيضا: "كورونا" أمريكانى
وكيف لهذا الشعب أن يهتز من الإصابة بـ "كورونا" وهو يتزاحم كل صباح على آلاف عربات "الفول" الذي يتم طهيه في مواقد تستخدم "بودرة كيماوية" خطيرة تسمى "الاديتا" تساعد على طهي الفول خلال ساعة واحدة، في حين تؤكد نتائج الدراسات أن تلك المادة تؤدي إلى توقف إنزيمات الكبد، والإصابة بالفشل الكلوى، وتقطعات بالرئتين والبنكرياس.
وكيف لـ "المصريين" أن يخشوا "كورونا" وقد وصل حجم الإجرام بعدد من المصنعين في البلاد، إلى حد حفظ أصناف معينة من "الأجبان" التي يتناول منها الشعب يوميا عشرات الأطنان بـ "الفورمالين" الذي يستخدم في حفظ "جثث الموتى"، بل واستخدام مواد كيماوية و"صبغات الاحذية" في تصنيع "المخللات" دون أدنى رقابة.
وكيف لهم أن يفزعوا من "كورونا" وقد وصل حجم غياب الضمير بالألف من أصحاب المطاعم، إلى تقديم وجبات ومن لحوم "الكلاب والحمير والطيور الفاسدة" والاغذية منتهية الصلاحية، ومخلفات السلخانات، والمواد المسرطنة بل وإدخال تلك النوعيات الفاسدة في صناعة "اللحوم المصنعة".
اقرأ أيضا: مرحبا بـ "كورونا القاتل" في مصر
وكيف لهذا الشعب أن ينزعج من فيروس مثل "كورونا" ولديه الآلاف من مصانع "الجبن، والشاورما، والسجق، واللانشون، والبسطرمة، والمخللات" تعمل تحت "بير السلم" منذ سنوات، تلقى إلى الأسواق يوميا بمئات الأطنان من الأغذية "غير الصالحة للاستخدام الآدمي" دون ضابط أو رابط.
لو طبقنا مقاييس "سلامة الغذاء" المتبعة في دول العالم المحترم على"الشعب المصري" فالمفترض أنه قد "فنى" منذ سنوات، إلا أن "عناية المولى" جعلت كل هذه الملوثات تساهم بشكل غير طبيعي في رفع درجة المناعة لديه، ومازال يحيى ويعيش "بحفظ الله".
لست بطبيب، ولا علاقة لي بمهنة الطب أو علوم الفيروسات، ولكن يقيني أن ما يتعرض له "المصريين" منذ سنوات، يعد أشد قسوة من "كورونا" وإننا سنخرج من محنة الفيروس الذي هز العالم، بذات "إرادة المولى" التي حفظت الشعب المسكين أمام ما يقدم له من سموم منذ سنوات.
اقرأ أيضا: كوارث الأمريكان في العراق
أؤكد أن ما سبق لا يعني التخلي عن الحذر، بل إن خطورة الأزمة تفرض علينا "شعبيا" ضرورة الالتزام بالبقاء بالمنازل خلال تلك الفترة، وتطبيق كافة معايير السلامة التي حددتها "الحكومة" التي تعاملت مع الازمة بحرفية تفوق ما قدمته كبرى دول العالم لحماية شعوبها، مع ضرورة كف "فتوجية" مواقع التواصل الاجتماعي عن تصدير الهلع والرعب والفتاوى المغلوطة للبسطاء، وترك الأمر للمتخصصين.
في الوقت الذي تحتم خطورة الأزمة على "الحكومة" أيضا، ضرورة طرح "استراتيجية" جادة تسير بالتوازي مع خطة مقاومة الفيروس، تضمن رقابة صارمة على أغذية المصريين "المحلية والمستوردة"، واستخدام قبضة أكثر قوة في الإشراف على سلامة الأغذية بالمطاعم والفنادق والنوادي.. وتغيير التشريعات المعمول بها منذ الستينيات من القرن الماضي، والتي مازالت تقضي ب "غرامات هزيلة" في جرائم "قتل عمد" يقدم فيها "مجرمون" سموم في صورة غذاء للفقراء من الشعب المسكين".. وكفى.