رئيس التحرير
عصام كامل

البرلمان الأردني يحذر الحكومة من غضبة الشارع

مجلس النواب الأردني
مجلس النواب الأردني

يواصل مجلس النواب الأردني مناقشاته للموازنة اليوم الخميس ولليوم الثاني وسط توقعات بأن لا يصادق عليها، إذا لم يصدر التزاما معلنا من قبل الحكومة بصرف النظر عن رفع أسعار الكهرباء وعدم المساس بالخبز الذي يباع بسعر مدعوم ويعتبر دائما خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه إطلاقا.


وكشفت مناقشات اليوم عن حالة الاحتقان لدى النواب تجاه الحكومة التي يرون أنها تريد إشراكهم في "وزر" رفع أسعار الكهرباء، وفق ما يرى متابعون للشأن المحلي الأردني.

ولوح نواب تحدثوا في الجلسة الصباحية للبرلمان، اليوم الخميس، باستخدام الصلاحيات الممنوحة لهم بموجب الدستور ومن ذلك إسقاط الحكومة إن هي اتخذت قرارا برفع أسعار الكهرباء، رافضين " أي النواب" اعتبارهم شركاء في زيادة الأسعار وتحميل المواطنين أعباء أضافية.

وحذر النواب الحكومة من جر البلاد إلى بركان مدمر من خلال زيادة الأسعار التي قالوا إن المواطن لم يعد يحتملها، في إعلان منهم واضح للاحتجاجات الشعبية المرجح حدوثها وما قد ينجم عنها من تبعات أمنية واجتماعية لا يحمد عقباها.

وبيّن نواب معارضون أن رفع أسعار الكهرباء "سيكون الشرارة التي ستفجر الشارع الذي وصل إلى حالة من التشاؤم واليأس من الأوضاع الاقتصادية الصعبة".

وكان الأردن قد شهد احتجاجات في نوفمبر، تشرين ثاني الماضي، عندما أقدمت الحكومة على رفع أسعار المحروقات، واستمرت لعدة أسابيع لقي خلالها عدد من المواطنين ورجال الأمن مصرعهم.

وقال متحدثون في جلسة البرلمان اليوم، إن الحكومات الأردنية المتعاقبة ومنذ أكثر من 15 عاما لم تأت للمواطنين بخبر يفرح غير رفع الأسعار.

ويرى النواب ضرورة محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة من قبل مسؤولين سابقين في الحكومة والشركات التي تملكها، وذلك كحل لسد عجز الموازنة لهذا العام والبالغ 1.3 مليار دينار ( 1.8 مليار دولار) من أصل إجمالي الموازنة العامة لهذا العام البالغ 7 مليارات دينار.

وفي خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لإقناع مجلس النواب بإقرار الموازنة العامة للدولة للعام 2013، أعلنت الحكومة الأردنية اليوم عن تأجيل رفع أسعار الكهرباء على المستهلكين المنزليين إلى مطلع العام المقبل، وبواقع 15% لمن تزيد قيمة فاتورته الشهرية عن 50 دينارا ( 70 دولارا).

كما استثنت الحكومة بقرارها المرتقب، الذي أعلنه وزير الطاقة مالك الكباريتي، قطاعي الزراعة والصناعات الخفيفة ممن يقل استهلاكها عن 10 آلاف كيلو وات/ شهريا.

وجددت الحكومة تأكيدها بأن رفع أسعار الكهرباء لن يطال غالبية المواطنين وبنسبة 91% من إجمالي عدد السكان.

وتتوقع الحكومة أن تبلغ خسائرها التراكمية الناتجة عن دعم الكهرباء في نهاية العام الحالي إلى 3.47 مليار دينار، ويمثل المبلغ قيمة الدعم الذي تقدمة الحكومة للكهرباء.

وتسعى الحكومة ضمن خطتها الإصلاحية إلى اعادة النظر بآلية دعم الخبز بحيث يتم توجيهه للأردنيين فقط وذلك لتقليص قيمة الدعم للخبز والمرصود له 195 مليون دينار للعام الحالي.

وتجد الحكومة نفسها في وضع صعب، فهي أمام اعتراضات شديدة من قبل النواب والشارع على سياساتها الاقتصادية المتضمنة رفع أسعار الكهرباء من جهة، ومن جهة أخرى أمام صندوق النقد الدولي الذي اشترط عليها تخفيض قيمة الدعم على السلع والخدمات بخاصة الكهرباء، لاستكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد الذي بدأ الأردن بتطبيقه قبل عدة أشهر.

وبموجب البرنامج الذي تعهدت الحكومة بتنفيذه بما فيه من التزامات، حصل الأردن على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي بشروط ميسرة، كما أن سحب القرض بالكامل يتوقف على الوفاء بتلك الالتزامات وأهمها رفع أسعار الكهرباء.

وفي ذات الإطار يربط صندوق النقد الدولي استمراره بإقراض الأردن وتمويل قطاعات مهمة وخاصة الطاقة والمياه والصحة، بمدى قدرة الحكومة على تخفيض عجز الموازنة ولكن شريطه ألا تتأثر الفئات الفقيرة من قرارات رفع الأسعار ومطالبة الحكومة بتوفير شبكة أمان اجتماعي.

ويقول محللون إن حكومة الأردن برئاسة عبد الله النسور، في وضع لا تحسد عليه إزاء تلك المعطيات، فهي تمر بمرحلة حرجة للغاية، خاصة وأن غالبية النواب والكتل داخل المجلس تعارض رفع أسعار الكهرباء، ولا توجد على ما يبدو اصطفافات إلى جانب الحكومة تؤيدها في اتخاذ القرار، باستثناء مواقف فردية لبعض النواب يحاولون مواراتها والتخفي خلفها خوفا من غضبة الشارع.
الجريدة الرسمية