الـ"ترند" يحكم مصر..خبراء يحذرون من خطورة الـ"ترندات" المشبوهة.. ومطالب بتبنى الهادف منها وتجاهل "السطحى" و"الكاذب"
«الترند يحكم».. حقيقة لا يمكن إنكارها فمواقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك، تويتر) وغيرهما، أصبحوا يمتلكون قوة كبيرة تتيح لهم إبراز قضايا بعينها وإغفال قضايا أخرى، من الممكن أن تكون أكثر أهمية.
فرض وجهة نظر
وبمرور الأيام تحول الـ«ترند» إلى عصا غليظة يستخدمها البعض للحصول على حقه، والبعض الآخر يلجأ إليها لفرض وجهة نظره، والجميع أصبح أسيرًا لـ«ترند» أو «هاشتاج»، وبات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يزداد تدريجيا حتى تحول إلى إدمان بين جميع الفئات.
الـ«ترند» يمكن القول إنه عبارة عن مؤشر أو اتجاه يقوم من خلاله المئات من المستخدمين بعمليات البحث عن حدث معين أو شيء معين، وذلك عبر موقع البحث الشهير جوجل أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كـ«فيس بوك، إنستجرام، أو تويتر»، ليتحول مصطلح «ترند» إلى ما يمكن وصفه بـ«الصيحة التسويقية» التي يتسابق عليها الجميع لتحقيق أرباح أو أهداف معينة تختلف من شخص لآخر، خلال فترة زمنية معينة وتختلف من دولة إلى أخرى.
سياسات التوجيه
وقد يدوم هذا التريند لساعة أو أكثر أو ليوم أو أكثر، وفى المقابل أصبح الجميع يبحث عن اهتمامات المستخدمين وتفاعلهم معها بشكل كبير، مما يؤدي ذلك لسعي بعض الأفراد والمؤسسات لتوجيه المستخدمين واستغلال تلك التريندات لتحقيق أرباح لهم.
فعلى سبيل المثال موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، يقوم فيه الناشطون يوميا بمتابعة أعلى الهاشتاجات تفاعلا، وهي غالبا ما تشير إلى أهم القضايا المطروحة، مما يجعلها تحظى باهتمام المتابعين وتثير لدى المستخدمين الفضول للمشاركة والتعليق به.
سلاح ذو حدين
وقد يثير الـ«ترند» ضجة كبيرة وقد يحول قضية ما أو موضوع إلى قضية رأي عام، فأصبح استخدام السوشيال ميديا أمر خطير جدا في وقتنا هذا فهو سلاح ذو حدين في ظل التطور التكنولوجي الهائل.
وهناك أكثر من طريقة لصناعة الـ«ترند»، فمن الممكن أن يكون مدفوع الثمن قبل أشخاص أو شركات، وقد يتم استخدامه كأداة تأثير لتحقيق مصالح وأهداف هؤلاء الأشخاص، وفق أهواء من يدفع، أو أن تجرى صناعته عن طريق اللجان الإلكترونية.
اللجان الإلكترونية
وفى هذا الحالة يتم عمل تلك اللجان الإلكترونية بشكل غير علني ومعروف، أو أن يخرج الـ«ترند» عن طريق حدث يثير الضجة أو قضية يتم إثارتها من قبل مستخدمي المواقع التواصل الاجتماعي وكتابة ونشر المئات من التغريدات والبوستات خلال فترة زمنية قصيرة مما يجعل الكلمة أو ذلك الحدث «ترند» بسبب كثرة بحث وكتابة نشطاء «سوشيال ميديا» عنه والتفاعل معه.
كما يمكن أن يصبح الـ«ترند» عبارة عن تجارة رابحة و«بزنس» مدفوع الأجر أو موجه لتحقيق أرباح طائلة ومشاهدات عالية من خلال تدشين «هاشتاج» من الممكن أن يدفع صاحبه، أو الجهة التي تقف خلفه إلى التربع على عالم الشهرة والوصول لأكبر عدد من المستخدمين.
ويمكن تخمين أو معرفة الـ«ترند» المدفوع أو الموجه، من خلال مراجعة أولى التغريدات التي تم إنشاؤها، والاطلاع على حسابات أول من كتب فيه وتفاعل، وهناك شركات أصبحت تلجأ إلى بيع الـ«ترند» للسيطرة عليه، كما توجد فرق كبيرة منظمة، ولجان إلكترونية تعمل على هذا الأمر لتصدر أي موضوع والحصول على مشاهدات مضروبة ومدفوعة الأجر.
واستخلاصًا لكل ما سبق يكون استخدام الـ«ترند» سلاحا ذا حدين، فقد يتم استخدامه بطرق غير صحيحة لمهاجمة الدولة أو مهاجمة أشخاص بعينهم أو لافتعال أزمة ما ويكون غير مرغوب به، أو يتم استخدامه بطريقة صحيحة وإيجابية عندما يطرح وجهة نظر صائبة ويسهم في التركيز على مشكلة ما للوصول إلى الحل الأمثل لأحد أو دعم حملة معين.
الأغراض
وفى هذا السياق قال الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام، جامعة القاهرة: الـ«ترند» بشكل عام لا يعني قيمة في حد ذاته، لكنه يشير إلى انتشار فكرة أو مضمون معين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما ينتج عن هذا الانتشار قد يكون مخططا من خلال كتائب منظمة لأغراض وأهداف محددة أو بشكل عفوي، أو أنه قد يكون أفكارا وموضوعات ذات قيمة وقد تكون مضمونا سطحيا أو تافها أو لا أخلاقيا.
وأضاف: تسويق بعض وسائل الإعلام التقليدية من صحافة أو راديو أو تليفزيون، لمثل هذه التريندات والتي يكون غالبيتها تافها وسطحيا يؤثر سلبا على الذوق العام، كما أن غالبيتها لا يتسق مع منظومة القيم والأخلاقيات في المجتمع، وذلك من خلال الكتابة عنها في الصحف بانبهار وإعجاب.
ليس ذلك فقط، بل يتم استضافة نجومها في برامج الراديو والتليفزيون، وهو ما يعني مزيدًا من التسويق والانتشار لهذه الـ«ترندات»، وما تقوم به وسائل الإعلام في هذا الإطار بما تقدمه يساهم في صعود هذه الثقافة السطحية وهذا الفن الهابط وانتشاره رغم أن دورها الأساسي هو التنوير والتوعية ونشر الثقافة والفنون الرفيعة الراقية.
كما أوضح «د. المرسي» أنه على سبيل المثال ظهور مطربي المهرجانات أمثال «حسن شاكوش وعمرو كمال» وصعودهم ومن يلهثون خلف هذا الفن الهابط ويدعمونه ويقلدون من يؤدونه ويعملون على نشره وسيادته، هم نتاج غياب لمنظومة ثقافية إعلامية تنويرية ترتقي بالفكر والوجدان، هم نتاج لمنظومة تعليمية قاصرة أدت للاعتماد شبه التام على السناتر والدروس الخصوصية والتلقين.
أيضا نتاج لغلبة النظرة المادية للأشياء وتراجع قيمة العلم وبذل الجهد والإنتاج، هم نتاج تغيرات كثيرة حدثت في مفاهيم الأسرة والتنشئة الصحيحة مما أثر كثيرا على نسق القيم والأخلاقيات والسلوكيات غير المنضبطة التي نواجهها في الشارع المصري، وهي نتاج لفقدان القدوة وشبه غياب للفن الراقي ليصبحوا فريسة سهلة لكل ما هو سطحي ورخيص.
وتابع: المجتمع ينتظر من وسائل الإعلام ألا تنساق خلف هذه الـ«ترندات» الهابطة ونجومها، وإن كان لها أن تقدم بعض هذه الـ «ترندات» فعليها التركيز على النوعية التي تحمل مضمونًا وقيمة، وبما يؤكد ويعزز دورها في التثقيف والتوعية والتنوير.
فيما قالت الدكتورة لارا عبد الوهاب، بقسم الإعلام بجامعة عين شمس: وسائل الـ«سوشيال ميديا» جعلت المصريين لديهم مرض اللا وعي والـ«شير» اللا إرادي وهو الذي يقوم من خلاله هؤلاء الأشخاص بترديد أي شيء لمجرد أنه متواجد على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما ساهم في أن هذه المواقع أصبحت أداة لنشر الشائعات والتضليل في كثير من الأوقات لشيء غير منطقي ومتواجد بالحقيقة، وليس ذلك فقط بل يقوم بتصديقها وإعادة نشرها مرة أخرى، وأرى أنه لا بد على الصحف ألا تلهث وراء هذه النوعية إلا في حالة واحدة، تتمثل في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي يحاول الـ«ترند» تسويقها وفرضها، ونشر الوعي لدى المواطن المصري.