هواة صناعة الأزمات
في أحد المؤتمرات التي دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2016، بمدينة شرم الشيخ، استضافت مصر عددًا من ممثلي الدول الأفريقية، والذين حددهم الاتحاد الإفريقي، ومنهم بالطبع ممثلو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
ولمن لا يعرف فقد كانت المغرب قد انسحبت من منظمة الوحدة الأفريقية، عام 1984، اعتراضًا منها على قبول عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في منطقة الصحراء الغربية، التي تعتبرها الرباط جزءًا من أراضيها، ولا تعترف بمسألة انفصالها عنها، إلا أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أعلن رغبته في عودة المغرب لأحضان القارة السمراء من جديدٍ عام 2016، وصادق البرلمان المغربي على الأمر..
وحصلت المغرب على عضوية الاتحاد الأفريقي في يناير 2017، بعد تصويت الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي في العاصمة الرواندية "كيجالي"، لصالح عودة المغرب من جديد.
الفرق الرياضية وأزمة سد النهضة
وجاء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ المشار إليه خلال فترة إبتعاد المغرب عن الإتحاد الإفريقي، حينما كانت الأجواء ملتهبة بشدة. المهم أنه ضمن التغطية الإعلامية المصرية، أذاع برنامج "صباح الخير يا مصر" فقرة على الهواء مباشرة من كواليس المؤتمر، وكان الضيوف، للمصادفة البحتة، ولعدم دراية فريق الإعداد، ولا المذيعين، للأسف الشديد، من جمهورية الصحراء..
وما أن أذيعت الفقرة، وعلم بها موظفو السفارة المغربية، ومنهم من كانوا حضورًا بالمؤتمر، حتى تم إبلاغ الحكومة والخارجية المغربية، وكأن القيامة قامت!!
وللمصادفة الغربية، فقد كان الملك محمد السادس في زيارة لإثيوبيا؛ تستهدف بحث إمكانية عودة المغرب لأحضان الاتحاد الإفريقي، وطلب الدعم الإثيوبي بهذا الشأن.. فإذا بها تتحول إلى زيارة تاريخية، وتم توقيع العديد من البروتوكولات التي تمثل دعما اقتصاديا من الرباط لأديس أبابا..
دافع عن فلسطين ومات برصاص فلسطيني!
في موقف فسره المحللون بأنه رد على موقف مصر من جمهورية الصحراء التي لا تعترف بها المغرب، وتضع كل دولة تعترف بها، أو تخطو نحوها خطوة إيحابية، في مصاف الأعداء، وهو ما فهمته الأوساط المغربية من استضافة ممثلي الجمهورية الصحراوية في التليفزيون المصري الرسمي، ولم تقتنع بأنه سوء تصرف وجهل من أعضاء البرنامج!!
ولا نزال نعاني من آثار ذلك الخطأ الفادح حتى الآن، فالعلاقات المصرية مع المغرب لم تعد بالقوة التي كانت عليها أيام العاهلين الراحلين؛ محمد الخامس، ثم الحسن الثاني، رحمهما الله.
أسرد تلك الواقعة المؤسفة للتنبيه بأن على صانع القرار المصري أن يوجه إلى فهم الشخصية الأفريقية.. والاستعانة، في سبيل ذلك، بمنظمات وهيئات وشخصيات، على خبرة ودراية ودراسة بطبيعة شخصيات الحكام والشعوب في القارة السمراء، واستبعاد قليلي الخبرة..
الصحفي الثائر.. صاحب نشيد "بلادي"
فهؤلاء هم من أهدروا على مصر الكثير من الفرص، وأفشلوا غالبية المفاوضات بشأن الأمور الخلافية، وطرحوا حلولا خيالية، بل وكارثية لبعض الأزمات، مثلما هو حادث في أزمة "سد النهضة".
كفانا إهدارًا للفرص.. فلدى القيادة السياسية؛ محمد فايق، وحلمي شعراوي، وحلمي الحديدي، وغيرهم.. وهناك أيضًا: الأزهر الشريف.. الكنيسة.. منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية.. الجمعية الإفريقية، وغيرها.. تصلح للاستفادة من دراساتها وخبراتها وعلاقاتها لإنهاء الأزمات.