رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يكره الإخوان التاريخ؟


العائلة التي لا تنتفض لخطف عروسها، لا تحتكم لشرف ولا كرامة في ميثاق عاداتها وتقاليدها، وأظن أن معظم أبناء العائلة المصرية تأكدوا تماما الآن من خبر خطف مصر وتعريضها للمهانة، حيث اهترأت حدودها، وهان نيلها، وتعرض ثوبها الأخضر للتصحر، فتلاعب أشقاؤها الصغار باسمها، وتخيلوا إعادة رسمها حسب أهوائهم.


إن 30 يونيو المقبل ليس سوى نفرة اعتراض على ما تعرضت له مصر من تشويه لوجهها البهي، وسيصبح عند المصريين تاريخ للنكبة الحديثة، كذكرى لاعتلاء كرسي الحكم رئيس ضعيف، رضخ لتعاليم جماعة، ولم تستشعر روحه عظمة الخضوع لوطن.

ولأن الإخوان يكرهون التاريخ الذي وثق عنفهم الدموي، وأثبت تعرض جماعتهم للانحراف على أيدي من تولوا قيادتها بعد مقتل الشيخ حسن البنا عام 1949، فهم لم ينشغلوا منذ توليهم السلطة في مصر إلا بطمس التاريخ وحرقه، لأنه هو الذي سجل تغلغل أصابع الماسونية العالمية لتقود الجماعة الدينية إلى مسار غير الذي أراده المؤسس، وفقا لما جاء في كتاب للشيخ محمد الغزالي بعنوان "من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث ـ طبعة 1963"، وفيه سرد كيفية تكليف حسن إسماعيل الهضيبي كأول مرشد من خارج الجماعة، وأثبت الغزالي أنه وسيد قطب ماسونيان.

30 يونيو المقبل، ما هو إلا صحوة ثانية للشعب المصري ضد ما يراه من استسهال في التفريط في الأمن القومي لمصر، بدليل الحلقات الهزلية في المسلسلات الهابطة لفنون إدارة البلاد والعباد، ومنها: رسم خارطة طريق لإثيوبيا لبناء سد النهضة، بمساعدة شخصية من الدكتور هشام قنديل الذي كان وقت تقديمه المعونة المعلوماتية وزيرا للري.

إن النيل "أسطورة حرام" فرعونية في نظر "الإخوان"، والوطن ليس من "تابوهاتهم"، لذا لا يجب تقديسه، فكل يوم هو في هدم، على العكس من "التابوه" الخاص بهم، مقر مرشدهم في المقطم، الذي لا يمر عليه يوم بلا تدعيم أو تعلية.

التاريخ يصبح عدوا حين يقع الإنسان في الكذب، ولذا لم يزعج الإخوان أكثر من التاريخ، فراحوا يخططون لحرق دار الكتب والوثائق القومية، بعد أن نجحوا في اجتياح مقار أمن الدولة وحرق وثائقه التي ترصد تحركاتهم منذ مقتل حسن البنا في 12 فبراير عام 1949.

يتخبط "الإخوان" حاليا ما بين معالم الطريق التي رسمها سيد قطب في كتابه المنشور عام 1965، والطريق إلى القدس بسلاح إيران عبر أنفاق حماس، ويرفضون التسلح بالوطنية التي تقيهم شر السقوط بحملهم في غياهب الكبر.

الإخوان تتقاذفهم المصالح الخاصة، فبينما تشاع أخبار باستعدادهم لتنفيذ خطة الهروب الجماعي قبل 30 يونيو، يحاولون تمرير شائعة اللجوء للجهاد، دون أن يعرفوا الجهاد ضد من، ولماذا؟

إن كانت الجماعة لا تنسى الظلم السياسي التي تعرضت له، فليس هناك من تثأر منه حاليا. والسؤال هنا: من هو المدان بالثأر، وعلى من يقع الحد، هل تحمل مصر كفنها وتتقدم في مشهد مهيب إلى مقر المحفل الماسوني الجديد في المقطم، كي تطلب العفو؟

وإذا كان هذا الظن إثما، فالعفو على ماذا، هل مصر التي ظلمت وأقصت، أم أن السياسة هي التي حكمت بذلك؟

هل يراجع مرشد الجماعة ونائبه وحاشيته تاريخ العنف الدموي الذي خلف موت حسن البنا، وهل يتواضع ويحتكم إلى كتب الفقه، لتغليب مصالح الدولة أو الوطن، على مصالح الجماعة التي أصبحت عصا مادية ملموسة لضرب الإسلام في مقتل، بعد أن استحكمت خطط أمريكا وإسرائيل، بتصفية ديار الإسلام على أيدي المسلمين؟
اللهم رد كيدهم إلى نحورهم
barghoty@yahoo.com

الجريدة الرسمية