رئيس التحرير
عصام كامل

تماثيل القاهرة.. "تتعاطى" السياسة.. "طلعت حرب" يطالب بالحرية للسجناء ويناهض الإخوان.. "سعد زغلول" يعود لصمته بفعل فاعل.. "عمر مكرم" أخطاء الإخوان أنطقت الحجر.. "نجيب ": ظاهرة صحية لها وجاهتها

ميدان طلعت حرب
ميدان طلعت حرب

ليس البشر وحدهم هم الذين تغيروا بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر، ولكن تماثيل القاهرة التي ظلت عشرات السنين صامتة، كما غالبية المصريين، شملها التغيير أيضا وأصبحت تتنفس السياسة كالعابرين من حولها، "تشارك" بفاعلية فى هذا الجدل السياسي الدائر حاليا بعد أن استغلها نشطاء وثوار فى كتابة بعض الآراء والشعارات السياسية .


عن انخراط تماثيل مصر فى عالم السياسة يقول محمد حمدي، الذي يمر يوميا على ميدان طلعت حرب حيث مقر عمله في شركة بقلب الميدان، لمراسل الأناضول: "من شرفة مكتبي كنت دائما أتطلع إلى تمثال طلعت حرب، كنت دائما أشعر به وكأنه يراقب في صمت ما يحدث في مصر، ولكن الآن أشعر به يتكلم ويشاركنا الرأي في الأحداث، بسبب ما يحمله على ظهره من شعارات".

حيث حمل ظهر التمثال الذي أبدعه النحات المصري فتحي محمود بعد ثورة يوليو 1952 شعارين أحدهما، يطالب بالحرية لبعض المعتقلين، والآخر بسقوط حكم الإخوان المسلمين .

ورغم سعادة "حمدي" بالجدل السياسي الدائر في مصر، والذي يعتبره أحد أهم مكتسبات الثورة، إلا أنه حزين لإقحام تماثيل القاهرة في هذا الجدل، وأضاف: "كنت أفضل أن تظل تماثيل القاهرة صامتة ومحايدة لا تتدخل لصالح طرف دون الآخر".

وأشار خالد زكريا، الذي يمر يوميا على جسر قصر النيل المؤدي إلى ميدان التحرير، حيث يعمل في وزارة الصناعة بميدان "سيمون بوليفار"، القريب من الجسر والميدان، إلى إعلان لحركة "تمرد" المناهضة لحكم مرسي، تمت كتابته على جسد أحد الأسود الشهيرة في مقدمة الجسر، وقال لمراسل الأناضول: "أنا مع الحركة، ولكني ضد إقحام التماثيل في الجدل السياسي".

وفي تفسير فلسفي حاول خالد سويلم الذي يعمل في إحدى المصالح الحكومية بمجمع التحرير، البحث عن مبرر لخروج تماثيل القاهرة عن صمتها.. "سويلم" الذي يعمل في المجمع منذ عشر سنوات، عاصر تمثال عمر مكرم القريب من المجمع صامتا لعدة سنوات، لكنه لم يعد قادرا على الصمت الآن بسبب أخطاء النظام الحاكم في مصر، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، على حد قوله.

وأشار إلى التمثال الذي امتلأ جسده بالشعارات المناهضة للجماعة، وقال ساخرا: "أشعر بالتمثال وكأنه يريد ترديد الشعارات المكتوبة على جسده، فأخطاؤهم تنطق الحجر".

في المقابل، عاد تمثال "سعد زغلول" المقابل لمدخل دار " الأوبرا " المصرية وسط القاهرة إلى صمته بعد أن أزالت محافظة القاهرة عنه كل الشعارات التي امتلأ بها جسده غير أن نشطاء توقعوا أن يعود التمثال قريبا للمشاركة في الأحداث، كونه يقع في بداية جسر قصر النيل، الذي تسلكه المسيرات الاحتجاجية التي تتجه إلى ميدان التحرير مضيفين: "صاحب التمثال هو سعد زغلول باشا زعيم ثورة 1919، فكيف يكون تمثاله صامتا".

ودعت قوى معارضة الشعب المصري إلى تظاهرات حاشدة في 30 يونيو الجاري، الموافق لمرور عام على تولي محمد مرسي للسلطة، وذلك بهدف إجباره على الرحيل عن السلطة تحت دعوى "فشله" في إدارة شئون البلاد.

هذه الرغبة من جانب المصريين في إقحام تماثيل القاهرة في السياسة، يراها محمد محمود نجيب أستاذ علم النفس السياسي بجامعة حلوان بالقاهرة ظاهرة صحية لها ما يبررها.

"نجيب" قال لمراسل الأناضول: "عندما نفتقد إلى القدوة والمثل الأعلى نبحث في ماضينا عنه، فنجده في الرموز التاريخية التي يجسدها أصحاب التماثيل".

وأوضح "نجيب" أن المصريين لا يستشعرون وجود القدوة سواء بين أوساط المعارضة أو النظام الحاكم، فلجأوا إلى المثل الشعبي القائل: "التاجر عندما يفلس يبحث في دفاتره القديمة".

وأضاف: "هذا المثل الموجود في الفولكلور السيكولوجي للشعب المصري يفسر هذه الظاهرة".
الجريدة الرسمية