مجرد فرصة
معظمنا إن لم يكن جميعنا في لحظة فارقة ما في حياتنا اتخذنا القرار الخطأ بشكل أو بآخر، قد يكون القرار بسبب قلة الخبرة، أو افتقادنا الحنكة، أو في الأغلب اتخذناه بتسرع ورعونة، وأكثر القرارات نندم عليها هي ما اتخذناها ببراءة مفرطة أو عفوية ساذجة.
اقرأ أيضا: جربت تحب!
من منا في مشوار عمره لم تصبه سهام الندم، فعض على أنامله حسرة وفقدا! ومن منا لم يتمن أن يتيح له القدر والزمان فرصة ثانية، لمحاولة أخرى لتغيير مسار حياته، أو تصحيح وضع أفقده مالا أو عملا أو شخصا أو حتى سعادة!
مجرد فرصة ثانية قد تسعدنا، أو قد تغنينا، أو ربما ترضينا.
اقرأ أيضا: صاحب السعادة
عندما نبحث أو حتى ننتظر فرصة ثانية نكون وقتها نحاول إيجاد أحاسيس تاهت منا، أو حياة نفتقدها، أو سعادة تروي ظمأ عمرنا للسكينة.
هناك من يقدم له الزمان الفرصة الثانية، ويزهدها ربما لأنه لم يكن يدرك حجم ما سيفتقده، أو ربما لأنه خائف من الإخفاق، أو في زحمة الحياة لم يكن يرى ماذا أتاح له القدر من فرص لن تتكرر، وهناك من ضيع فرصا لا تتكرر بالتسويف أو الخوف أو التردد لاعتقاده أن الفرص دائما متاحة ليس لها تزول فيه فيفقدها.
اقرأ أيضا: منتصف العمر!
ولنبلور أبعاد الفرصة الثانية، دعنا نذكر حالة توقف للقلب بسبب مرض جسدي ما أو نتيجة لحالة مرضية، عندما ينعش الأطباء قلب من توقف نبضه للحظات ويعود للحياة، سيقتنص الفرصة الثانية للحياة، ويقرر تصحيح مسار أمور معينة في حياته، سواء أمور شخصية أو أسرية أو مالية.. إلخ
اقرأ أيضا: أين أمومتى!
إيمانا منه بأهمية تلك الفرصة التي أتاحها الله له مرة أخرى قد لا تتكرر في الغالب، والتي لا تمنح للكثيرين "بصرف النظر عن عمره وقدره المكتوب"، سيعرف وقتها قيمة ما كان سيفقده، سيعلم عظمة ما يملكه، لأنه سيركز على أولويات حياته، ويحدد هدفا معينا في أمنياته، وينحي الأقل أهمية للهامش، فقط لأنه بعد إفاقته عرف قيمة الوقت في حياته..
وحرصا منه على عدم إهدار الوقت فيما لا يفيد أو لا يسعد أو لا يرضي، والأهم خوفا منه أنه لن يحصل على فرصة ثانية دائما، كما قال الحسن بن علي بن أبي طالب "الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود".
اقرأ أيضا: فارق دقيق بين الحبيب والصديق
في العلاقات على اختلاف مسمياتها وأبعادها وأهميتها نجد حجم الندم على ما فقدناه، متوسلين القدر دوما أن يمنحنا فرصة ثانية، مثلا كرئيس عمل مع مرءوسيه حين يحال للتقاعد مكروها منبوذا وحيدا، أو كابن عاق لوالديه يموت أحدهما غاضبا عليه، أو كزوج خائن لزوجة صانته، أو كحبيب قرر أن يفارق لعدم احتماله للظروف، أو كصديق عمر باع عشرة السنين لاختلاف سياسي لم يتقبله عقله.
اقرأ أيضا: المرأة في يومها اللي مش فايت
أمثلة لا تنتهي لعلاقات انتهت أو تعكرت، أو لنقل أهدر كل ما فيها من أحاسيس وذكريات وعمر، فندم أبطالها على فقدها، وتمنوا أن يعود العمر بهم ليصححوا ما أفسدوه، ليستعيدوا ما ضيعوه، ليحظوا بفرصة ثانية لمداواة ما ينزف منهم من ندم وألم على فقدهم أشخاصا كانت ستختلف الحياة معهم، بل كانوا هم أنفسهم سيختلفون عما أصبحوا عليه الآن.. فقط لو أتيحت لهم.. مجرد فرصة.