وكانت النتيجة.. انصراف الجمهور عنها!
تعددت أسباب التراجع والتدهور لإعلامنا وفي القلب منه صحافتنا، بعد افتقاد البيئة الخصبة القادرة على فرز قيادات وأجيال عفية، تملك أسباب النجاح والتألق وروعة الأداء، وصار أكثر المشتغلين بالمهنة وهم كثر وبالاً عليها.
وبدلاً من أن يكون الإعلام صانعاً للوعي، موجهاً للرأي العام، معالجاً لأسباب التخلف، ناشراً للعلم، محتفياً بالعلماء، مناصراً للقضايا القومية والوطنية الكبرى تراجعت اهتماماته، وشغل الناس بسفاسف الأمور وتوافه الأحداث، حتى رأينا الشاشات والصفحات تفرد مساحات واسعة لجرائم القتل والاغتصاب وزنا المحارم والدجل والشعوذة، وما ينطوي عليه ذلك من تغييب للعقل وإفساد للفكر والثقافة..
اقرأ أيضا: من آمن العقاب أساء الأدب!
وقد زاد الطين بلة أن السوشيال ميديا بما تملكه من سرعة انتشار وتحرر من ضوابط النشر وقيوده اجتاحت الساحة، وسحبت البساط من تحت أقدام الصحافة وأفقدتها رونقها وحرمتها من فرص النمو والتأثير المطلوب، واستولت على عقول طائفة كبيرة من قراء الصحف القومية، ناهيك عن استحواذها على اهتمام الشباب بصورة يصعب الإفلات من غوايتها..
أضف إلى ذلك تراجع عوامل صناعة النشر ذاتها من غلاء فاحش لمستلزمات الإنتاج والطباعة، نتج عن متغيرات اقتصادية صعبة، فازدادت خسائر الإعلام والصحافة القومية وتراكمت مديونياتها بصورة غير مسبوقة.. فمدت يدها للحكومة حتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها سواء نحو العاملين فيها أو جمهورها أو مستلزمات التشغيل..
اقرأ أيضا: معنا رئيس.. وهنا تتحقق الديمقراطية!
أضف إلى ذلك أن صحافتنا لم تعد تعبر عن اهتمامات ومشاكل الجمهور.. فكانت النتيجة وتلك هي المأساة أن انصرف عنها كثير من جمهورها وتراجع دورها الطليعي والتنويري التاريخي، بعد تراجع أرقام التوزيع لجميع الصحف بلا استثناء.