آفاق جديدة للتفكير
إن تقدم التفكير الإنساني لا يقاس بكشف حقائق جديدة بقدر ما يتمثل فى إلقاء ضوء جديد على الحقائق المعروفة من قبل؛ لأن قدرة التفكير المبدع لا تمتد إلى مجال الإبداع فقط بقدر ما تمتد على التحليل والتفسير والتأويل. وإذا كانت هناك منهجية قديمة ومقصودة فى التفكير تنطوي على أخطاء كثيرة وعاشت لسنوات طويلة فقد حان الوقت لإنهاء ثقافة هذه السنوات الغابرة ولا بد من النظر إلى العقل بوصفه مصدرا هاما من مصادر التجربة الإنسانية.
اقرأ أيضا: ويعود داعش من جديد
ولا بد أن تفتح آفاق جديدة للتفكير تساهم فى بناء الإنسانية بصورة صحيحة بل وتساهم فى بناء المجتمع المصرى مع مسارات البناء المادية التى تقوم بها الدولة؛ حتى يكون بناءً متكاملًا يلائم العصر بكل المستحدثات الآنية، فقد تحدثت قبل ذلك في مقالات سابقة على الثقافة والتعليم والهوية الثقافية التي تمر بأزمة حقيقية.
ولن تُحل هذه الإشكاليات المهمة فى بناء الشخصية المصرية إلا بتغيير نمط التفكير القديم فى حل أي قضية أو مشكلة أو تحد، وأعتقد أن أولى الخطوات فى ذلك تتمثل فى تحديد المشكلات ودراستها ووضع الحلول لها؛ أى طريقة النظر إلى الحقائق والقضايا الموجودة والمعروفة والتى تمثل عائقا كبيرا فى المرحلة الراهنة.
اقرأ أيضا: مصر لؤلؤة أفريقيا
فلكل فترة من فترات التفكير قضاياها وإشكالياتها وحلولها أيضا، ولها من يقود حركة الثقافة السائدة، وعلى سبيل المثال فى العهد اليونانى فى الفلسفة اليونانية منذ سقراط كانت فكرة الغائية والخير الأقصى هى المحور الذى يدور حوله التفكير، بل وجدنا كيف حاول سقراط مواجهة السوفسطائيين لما فعلوه من إفساد المجتمع.
اقرأ أيضا: الفوضى التعليمية الكُبرى
وفى الحقيقة أجد السوفسطائيين كثيرين اليوم ومهمتهم الأولى هى إفساد الذوق المصرى بجميع اتجاهاته سواء الثقافية أو الفنية أو الإعلامية، أو السياسية ...إلخ ومن ثم لا بد من الوقوف على معرفة قصد الأفكار التوجيهية السائدة فى العصر الحالى وما هى طرق التفكير الجديدة المطروحة لمواجهة هذه الأفكار التى تعمل عمدًا على تفتيت الهوية المصرية وثقافتها.
إن حضارتنا القديمة كانت حضارة علمية بالدرجة الأولى، ومن هنا يجب الرجوع إلى منهجية هذه الحضارة وتطويرها فى جميع المجالات حتى يتم منع تلوث السمع والبصر من الثقافة الهمجية والتى نراها فى بعض القطاعات مثل الفن.
اقرأ أيضا: هويتنا الثقافية فى خطر
إن أهم ما يميز الإنسان عن الحيوان هو قدرته على صنع الرمز والقدوة وهى العملية الذهنية التى تستمر بلا انقطاع وهى التى تضفى على المجتمعات الاستمرارية والبقاء؛ ومن ثم علينا أن نعترف عزيزي القارئ أننا فى أزمة روحية وحضارية ويجب أن نتبع آفاقا جديدة فى التفكير للحفاظ على جيل النشء والشباب لأنهم مستقبل مصر.