الديمقراطية لا تمنع انتقام الحكام!
فور نجاته من العزل بعد تبرئة مجلس الشيوخ له سارع الرئيس الأمريكى ترامب إلى إبعاد اثنين من العاملين فى البيت الأبيض، لأنهما شهدا ضده أمام مجلس النواب فى قضية عزله.. وهذا يؤكد أن السلطة هى السلطة فى كل مكان وزمان، لا تختلف فى بلد يسمى ديمقراطيا وآخر يُتهم بأنه غير ديمقراطى.
فإن الحاكم، أى حاكم، هو الذى يختار مساعديه ومعاونيه ومستشاريه وأيضاً العاملين معه، ولا يمكن فرض أشخاص عليه للعمل معه لا يقبل بوجودهم أو يشعر أنهم يتعاونون مع خصومه.. هكذا فعل ترامب وقالها بصراحة للصحفيين، حينما أكد أن استمرار وجود هؤلاء فى البيت الأبيض كان لا يسعده بالطبع!
اقرأ أيضا: حكومة ترتدى العمامة!
والحاكم، أي حاكم، هو بشر قبل أن يكون حاكما، ولذلك تنتابه أحيانا رغبة فى الانتقام من الخصوم.. وهو قد يشرع فى تنفيذ هذه الرغبة إذا لم تكن هناك كوابح تمنعه من ذلك، أو قد يبتلع رغبته هذه إذا كانت هذه الكوابح موجودة وقوية وفعالة، أو إذا يحسب حساب ردود الأفعال لانتقامه من الخصوم.. وهنا يمكننا أن نفهم الهجوم الذى تعرض له ترامب من قبل الديمقراطيين لقيامه بطرد موظفى البيت الأبيض، فقد اعتبروا ذلك عملا لا يليق برئيس دولة ديمقراطية.
رغم أن أمريكا، وهى التى تعتبر نفسها أكبر دولة ديمقراطية اعتادت على تغيير فى طاقم البيت الأبيض مع كل رئيس أمريكى جديد.. بل إن ترامب نفسه غير من مساعديه ومعاونيه فى الوظائف الكبرى (وزير الخارجية، ومستشار الأمن القومى، ووزير الدفاع) عدة مرات فى غضون ثلاث سنوات.
اقرأ أيضا: تأنٍّ وبطء !
وإذا كان الحاكم، أي حاكم، لا يختلف عن الإنسان العادى في أنه تنتابه أحيانا رغبة فى الانتقام من الخصوم فقد اهتمت الدول دوما بأن تصنع كوابح قانونية ودستورية تحد من اندفاع الحكام فى تنفيذ ما يراودهم من رغبات الانتقام هذه.
وهذا فقط ما يفرق دولة عن أخرى.. وإن كان الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب يعرف كيف يتجاوز هذه الكوابح، ولا يهمه التعرض لأى اتهامات ما دام يضمن بقاءه فى البيت الأبيض.
