مرحبا بـ "كورونا القاتل" في مصر
ما أعلمه، أن قيادة السياسة في مصر لا تسمح لـ"متسيب أو متهاون أو متخاذل" بالتواجد على رأس القيادة، وجعلت "الإقالة والمحاسبة" المصير الحتمي لأي مسئول قد تطوله أي من تلك التهم، التى طالت وللأسف الدكتورة "هالة زايد" وزيرة الصحة خلال الأيام القليلة الماضية.
ففي الوقت الذي يرتجف فيه العالم رعبا من انتشار فيروس"كورونا" القاتل، الذي ظهر في مدينة "ووهان" الصينية، وانتشر في نحو 35 مقاطعة أخرى، وتسربه إلى عدد من الدول الأوربية والآسيوية والأفريقية، مخلفا ما يقارب الـ 20 ألف إصابة خلال أقل من 40 يوما، مما دعا كل دول العالم إلى إعلان الطوارئ القصوى في المطارات والقطاعات الطبية "إلا في مصر" التي بدت فيها الصورة مختلفة للغاية.
حيث بدت كل الإجراءات التي أعلنت وزارة الصحة المصرية عن اتخذها مجرد "إجراءات صورية" ولا وجود لها "سوى على الورق" ولم ينفذ منها سوي عدد من الملصقات تم توزيعها على المنشآت الصحية ووسائل الإعلام للتعريف بالفيروس، وطريقة التعامل معه، في حين بدا الأمر في كل المطارات والمنافذ "كارثيا" ولا يحمل الحد الأدنى من إجراءات الوقاية، مما يعرض البلاد لكارثة انتشار الوباء القاتل بمنتهى السهولة.
فمنذ أيام، تلقيت اتصالا تليفونيا من صديق يعمل "مترجما للغة الصينية" وكثيرا ما يرافق شخصيات ووفودا سياحية صينية في جولاتها في مصر، وأقسم لي والحزن يقتله أن مصر معرضة لكارثة انتشار فيروس "كورونا" القاتل بسهولة "وسط غيبة من الجميع" لا لشيء سوى أن وزارة الصحة أعلنت عن إجراءات "على الورق" دون أن تنفذ الحد الأدنى منها على الأرض، خاصة في "المطارات والمنافذ" حيث لا يخضع أي من القادمين إلى مصر وبينهم "الصينيون" للفحص أو حتى الكشف الظاهري، على عكس ما يتم في كل دول العالم.
وقص لي أن صديقا له يعمل مترجما للغة الصينية أيضا، كان مرافقا لوفد يضم 100 صيني قدموا من مدينة "جوانزا" الصينية، بينهم 19 قدموا من مدينة "ووهان" الموبوءة بالمرض، كانوا جميعهم على متن الرحلة رقم 959 ms التي هبطت بمطار القاهرة في الخامسة والنصف صباح يوم 27 يناير الماضي.
عملاء استيراد الغاز الإسرائيلي
وعندما خرج الوفد الصيني من المطار واستقلوا الباص المخصص لهم، سأل المترجم المصري، الموافق الصيني الذي كان برفقتهم: "هل استوقفكم أي مسئول صحي بالمطار" فأجابه: "لا، ولم يحدث أن خرجت من مطار القاهرة بمثل هذه السرعة من قبل" فسأله المترجم المصري مرة أخرى في دهشة: «ألم يقم أي طبيب أو حتى "تمرجي" بالكشف عليكم أو فحصكم ولو بالنظر؟» فأجاب المرافق الصيني: لا. وأقسم لي صديقي، أن المترجم المصري صعد إلى "الباص" لممارسة عمله وهو يرتعد خوفا، ودار في ذهنه أن يترك المجموعة ويهرب، وظل مرافقا للوفد وهو في حالة غير طبيعية.
وقد عزز تلك الشهادة ما أدلى به "إبراهيم نجم" عضو مجلس إدارة الجالية المصرية بالصين، والذى أكد أن كل ركاب "الطائرات الترانزيت" يدخلون إلى مصر دون خضوعهم لأدني درجات الفحص، في الوقت الذي لا يلتزم فيه أي من العاملين بمطار القاهرة بإجراءات الوقاية، أو حتى وضع الكمامات على وجوههم.
للأسف هكذا تتعامل وزارة الصحة المصرية مع القادمين من الخارج عبر مطار القاهرة، في الوقت الذي قامت فيه الولايات المتحدة الأمريكية يوم الأربعاء الماضي، بإرسال طائرة إلى مدينة "ووهان" قامت بإجلاء 240 أمريكيا، إلا أن السلطات أوقفت الطائرة في "ألاسكا" وأخضعت جميع الركاب لفحص طبي شامل، قبل أن تستكمل الطائرة رحلتها إلى كاليفورنيا.
للأسف تلك هي الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة المصرية، وهكذا يمر الصينيون وغيرهم عبر المطارات والمنافذ المصرية، في الوقت الذي يموت فيه المصابين بالوباء في شوارع الصين، وتحولت مدن ضخمة إلى "مهجورة" بعد إغلاقها ومنع التجول فيها، ووقف حركة النقل جبرا. ولتنعم مصر بـ كورونا القاتل ووزيرتها العبقرية "هالة زايد".. وكفي.