الوزيرة المكروهة
فى كل حكومة من الحكومات التى توالت على مصر في جمهوريات الرؤساء عبد الناصر، وأنور السادات وحسنى مبارك، كان يوجد وزير أو وزيرة لا تتناغم طريقته في التفكير ولا في التعبير ولا في القرار ولا حتى فى الحضور... مع معدة المصريين. لم يهضموا شخصيات سياسية ولا بلعوها أصلا، وأذكر على أيامنا في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر أن خرج الطلاب فى مظاهرات رافضة لوزير التربية والتعليم وقتها، وقد قدم استقالته وقبلها عبد الناصر..
وفى أيام السادات ظهرت شخصيات وزارية كثيرة لم تتمتع بحب الناس ولا حتى بالحياد ناحيتهم... ومنهم من تدحرج حتى ملأ الساحة السياسية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك مثل الراحل كمال الشاذلى.. الذى احتل موقعه البرلمانى والتنظيمى فى نفور الناس منه، أحمد عز صاحب المصيبة الكبرى التى حاقت بالوطن جراء إدارته للتنظيم فى الحزب الوطنى.. بتزوير فاحش للانتخابات ظنا منه أنه احتجز الإخوان فى كهوفهم.. فخرجوا على البلد بالتآمر.. تلك قصة طويلة أخرى..
ما علينا..
الوزيرة هالة زايد وزيرة الصحة تتمتع حاليا بأكبر قدر من السخط الشعبى، والرفض لاستمرار وجودها فى منصبها التنفيذى على رأس وزارة مسئولة عن صحة مائة مليون مصرى. بدأت مهام منصبها بفرمانات ساذجة، عكست عقلية مدرسية تقليدية فأمرت ببدء يوم العمل في كل المستشفيات والمصالح الطبية بالسلام الوطنى، مما جعلها موضع استغراب فاستهجان فسخرية.
اقرأ أيضا: اللص الأنيق !
حاربت الدكتور جمال شعبان رئيس معهد القلب القومى.. وأطاحت به لأنه لم يظهر الرعب والخوف ومظاهر الانحناء الواجبة لسيدة ممتلئة بنفسها لحد التشمع، تتربع على رأس وزارة الصحة.. وغضب الرأي العام غضبا هائلا بسبب لامبالاتها بكارثة أطباء المنيا الذين سقطوا في حادث ادى الى وفاة خمسة أطباء حتى الآن، وفق آخر الأرقام المعلنة.. لم تعفر تراب رجلى سيادتها وتتعاطف وتزور المصابين ولا أهالي المتوفين… وبعد النقد الشديد خرج تصريح بأنها كانت تمر بظروف صحية..
سلامتك يا وزيرة الصحة..
هذه الوزيرة توقع الناس خروجها فى التعديل الحكومى الأخير، مثلها مثل وزير التربية والتعليم مروج الفنكوش التطويرى الكبير. قالوا إنها أبقى عليها بسبب إنشاء منظومة التأمين الصحى في بورسعيد وحملات مكافحة الأمراض.. للعلم فإن صاحب هذه الحملات هو وزير الصحة المصرى الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى هو أيضا وزير الإعلام طيلة السنوات الماضية.. حملاته ضد الفيروس سي، وضد البدانة وضد الأنيميا وضد السكر والضغط..
اقرأ أيضا: السيسي الدبلوماسي
وتخطئ الوزيرة كل الخطأ أن كانت تتصور ان الشعب لا يفهم أن كل هذا ليس شغلها ، وأنها تركت مستشفيات كثيرة فى حال يرثى لها، وأن الأطباء الشبان يفرون الى الخارج وأنها لا تتمتع بثقة قطاع ملموس من الأطباء، وأي زيارة لمستشفى حكومى فى قبلى أو بحرى ستلمس النقص والعجز والفوضى. حاولوا سحب الثقة مها في البرلمان لكن وقعت حيلة غريبة غير مفهومة أفلتت بعدها من الطرد من الحكومة.. فقد اختفى مقدمو الاستجواب.. عجبا.
سيدة ووزيرة للصحة يعطيان معا منظومة متكاملة من الرحمة.. تفتقدها السيدة هالة. لم تتعلم شيئا من حنان رئيس الجمهورية ولا تأثرت بإنسانيته إلا حين تلامس الكاميرات ملامحها الجامدة.. فتلين! إقالة وزيرة الصحة.. رد اعتبار لمفهوم الرحمة وانسجام تام مع إنسان حساس بدرجة رئيس جمهورية.
عودي إلى بيتك سيدتى..