رئيس التحرير
عصام كامل

مهمة الوزير ودور الصحفى

سبق وأن كتبت هنا متناولا وزارة التموين بالنقد الشديد، لأن خطابا وصلنى من الوزارة يطلب منى تغيير الزميلة المكلفة بتغطية نشاط الوزارة - دينا عاشور- وقد رفضت تدخل الوزارة، وشرحت للقراء لماذا نعتبر هذا الأمر تدخلا غير مرغوب فيه، وأن الزميلة الأستاذ دينا عاشور صحفية وعضو بنقابة الصحفيين، وأن لها من الحقوق ما يوازى حقوق رئيس التحرير نفسه، في أداء عملها ولا يجوز لرئيس التحرير تغييرها وفق طلب المصادر.

 

ومضت أيام تأكلها أيام حتى نواصل معى السيد الأستاذ أحمد كمال المتحدث باسم وزارة التموين ومعاون الوزير الدكتور على مصيلحى، ودار بيننا حوار اتسم بالود والتفاهم، وشرحت للرجل موقف فيتو من هذه القضية، وتناول الرجل القضية بموضوعية ، وأثنى على أداء دينا عاشور، مؤكدا أن الوزارة لا تتدخل في عمل أحد، وأن الخطاب لم يكن مقصودا منه التدخل في عمل رئيس التحرير أو الزميلة الصحفية.

 

اقرأ أيضا: بطاقة التموين.. لعبة المنح والمنع

 

تفهمت ما قاله الأستاذ أحمد كمال وشرحت له بأن مهمة الصحفى هي المعلومة وفق معايير مهنية وقيم أخلاقية توارثناها جيلا بعد جيل، وأن هدف دينا عاشور وأي زميل صحفى وغايته الأساسية هي إرضاء المالك الحقيقي للصحيفة وهو القارئ، وأن ما يحكمنا هو الصالح العام الذي يراه الصحفى متجسدا في الحقيقة ولاشيء غيرها وهو ما قد يتعارض أحيانا مع المصدر.

 

وأتذكر أن وزيرا منع زميلا صحفيا بفيتو من دخول الوزارة، باعتبارها إرثا ورثه عن المرحوم، وقد تحدثت إلى الوزير طالبا تفسير ا فكان تفسيره أن زميلنا ينشر دون الرجوع إليه، وزاد الطين بلة بأن قال لى لو أن الصحفى قد جاءنى قبل النشر لأصدرت قرارا بحل المشكلة.. هنا يتصور الوزير أن الصحفى يعمل لديه برتبة مخبر، فقاطعت الوزير وشرحت له بهدوء أن هذا ليس دور الصحفى.. ليس من أدوار الصحفى إبلاغ المسئولين بالتقصير، إنما دوره النشر وفق معايير معروفة وقوانين منظمة وبعدها يتخذ الوزير ما يراه مناسبا.

 

اقرأ ايضا: خطيئة وزير التموين

 

أقول ذلك احتراما لموقف وزارة التموين التي بادرت بالتواصل وتفهمها للموقف، وإتاحة الفرصة للزميلة دينا عاشور والعودة لأداء عملها مرة أخرى، علما بأن عملها لم ينقطع، فالصحفى لديه مصادره الخاصة التي يتواصل معها سواء وافقوا على دخوله مبنى الوزارة أو منعوه.. المهم أن تناول الواقعة بعد عودة دينا لممارسة عملها بشكل طبيعي وترددها على مبنى الوزارة الزمنا بتناول الموضوع تقديرا لتفهم الوزارة للخطأ الذي حدث منها عن غير قصد.

 

اقرأ أيضا: العثمانية الجديدة.. فاشية العهد القديم

 

على أن الصحفى الذي يقوم بأداء عمله بنجاح قد يصبح واحدة من أدوات المسئول في الرقابة، فلا تعارض بين صحفي يقوم بدوره في رقابة الأداء والكشف عن مناطق الضعف أو الفساد وبين المسئول الذي يتولى مسئولية وزارة قد يمتد دورها إلى العديد من الإدارات والمساحات الجغرافية التي لاتمكنه وحده من رقابة أدائها..

 

هنا تصبح للصحافة قيمة مضافة إلى العمل الوطنى الذي ننشده جميعا، ورغم الخلاف الذي نشب وينشب بيننا وبين العديد من الوزراء والمسئولين فإننا ننبه دوما على زملائنا بأن يفصلوا بين الخلاف مع المسئول والأداء المحترف، فلا معركة بيننا وبين مسئول.. معركتنا دائما هي العمل المهنى والالتزام الأخلاقى وهدفنا الحقيقة، ووضع القارئ في قلبها مهما كانت الكلفة، فالصحفي الذي يغفل أعمالا مهمة أو أنشطة ذات جدوى على الناس لأنه مختلف مع المصدر هو خائن لمهنته ولقارئه بالأساس.

الجريدة الرسمية