قصر نظر!
نصيحة مجانية للسادة المحللين ألا يتعجلوا استخلاص نتائج على أوضاع متغيرة أو قابلة للتغير سريعا، لأنهم يسيئون إلى أنفسهم ويبدون فى نهاية المطاف لا يجيدون التحليل، أو على الأقل يتسمون بقصر النظر!
خذوا هذا المثال الصارخ جدا.. لقد سارع فريق من هؤلاء المحللين لاستخلاص نتيجة مؤداها أن قيام امريكا باغتيال قاسم سليمانى أفاد النظام الإيرانى ولم يضره.. لأنه كان يعانى من أزمات داخلية وخارجية خانقة، حينما انفجرت المظاهرات ضده فى العديد من المدن الإيرانية، ومن بينها العاصمة طهران حرقت فيها صور المرشد خامئنى، وكانت هذه المظاهرات تتسع، خاصة بعد الصدامات مع الشرطة والحرس الثورى فى إيران..
اقرأ أيضا : الحصار انتهى.. والتوتر مستمر!
أما فى الخارج فقد كان هناك حراك شعبي عراقي يحاصر الحكم الإيرانى الذى تربطه علاقات طيبة مع إيران، وذات الشىء حدث فى لبنان.. جاء اغتيال سليمانى ليطفئ جذوة كل ذلك.. أى يوقف مظاهرات الإيرانيين ضد النظام، بل ويحولها إلى مظاهرات ضد أمريكا والمطالبة بالثأر منها.. ويهدأ أيضا من الحراك العراقى واللبناني.. وبذلك كسب النظام الإيرانى بعد اغتيال أحد قادة الحرس الثورى لديه، والذى قيل إنه كان يتم تحضيره ليكون الرئيس الإيرانى المقبل.
وهذا كان صحيحا بالفعل، ولكنه لم يستمر إلا وقتا قصيرا جدا.. فقد تجدد انفجار المظاهرات وبحدة فى إيران، وطالب المتظاهرون فيها بعزل المرشد نفسه، وخاصة بعد اعتراف النظام الإيرانى بإسقاط الطائرة الأوكرانية بسبب خطا فادح.. كما نشط أيضا الحراك العراقى وتحدد الحراك اللبنانى.. أى إن المكاسب الإيرانية التى تحدث عنها هؤلاء المحللين تلاشت واختفت بعد بضعة ايام قليلة فقط..
اقرأ أيضا : بداية ساخنة للعام الجديد
ولو كان هؤلاء تمهلوا ومنحوا أنفسهم بعض الوقت قبل أن يفتحوا أفواههم وينطلقوا فى التحليل ما كانوا وقعوا فى هذا الخطأ، ولما اتحفونا بهذه الاستنتاجات.. لكنه للأسف الشديد قصر النظر والرغبة الجامحة فى تصدر مشهد التحليل، اعتمادا على الذاكرة الضعيفة لمن يتابعون تحليلاتهم.
أيها السادة المحللون لا تتسرعوا فى تحليل أمر لا تملكون كل المعلومات الكافية عنه، ولا تقوموا بتحليل شىء حسب الهوى والعاطفة ، وفكروا كثيرا قبل ان تتحدثوا أو تكتبوا، حتى ولو كان ما تكتبونه مجرد خواطر إلكترونية عابرة.