لماذا وقف القتال فى ليبيا؟!
عندما أعلن الرئيس بوتين فى أنقرة بعد اجتماعاته مع أردوغان عن دعوته لوقف القتال فى ليبيا رفض المشير حفتر قائد الجيش الليبى هذه الدعوة، لكنه عاد وقبلها أمس بشكل مفاجئ بعد أن سبقها اتصال تليفوني بادر به الرئيس بوتين مع الرئيس المصرى السيسى.. وهنا لا يمكن لأى محلل غير مغمض العينين أن يتجاهل موافقة مصر على دعوة الرئيس بوتين، بل وحث الجيش الليبى عليها.
أى إن مصر حاضرة وبقوة فى أمر ليبيا، ولها اتصالاتها المباشرة بكل الأطراف الدولية المهتمة بما يحدث فيها، ويمكننا القول إن وقف إطلاق النار فى ليبيا ما كان يحدث بدونها.. ولذلك يصير السؤال لماذا وافقت مصر على ذلك؟
اقرأ ايضا: السراج أسير تركيا
وفى البداية يجب أن نتذكر أن مصر تتبنى نهجا لحل الأزمة الليبية سياسيا.. وعندما تحدث الرئيس السيسى قبل أسابيع قليلة أن هذه الأزمة سوف تحل قريبا، قال إن الحل سيكون سياسيا.. غير إن هذا الحل السياسى الذى تراه مصر ويقبله أغلب الليبيين مرهون ومشروط بأمرين مهمين.. الأول هو وحدة الأراضى الليبية وعدم تقسيم ليبيا..
الثانى هو تطهير الأراضى الليبية من المليشيات المسلحة والإرهابية والاعتراف بوجود قوة مسلحة واحدة هو الجيش الليبيى.. وهذا ما رددته مصر بحسم على إسماع كل الفرقاء: أمريكا وروسيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، واتفقت عليه فى اجتماعها مجموعة الدول الخمس (قبرص واليونان وإيطاليا وفرنسا ومصر) التى تمت فى القاهرة قبل أيام.
واقرأ أيضا: حل مشروط للمسألة الليبية
ومصر تدرك بالطبع ان ما بتقرر على موائد المفاوضات يعكس عادة ما يدور على الأرض.. أي سوف يعكس الوضع الحالى فى لبيبا، حيث تسيطر قوات الجيش الليبى على معظم الاراضى الليبية وتحاصر العاصمة طرابلس بعد أن سيطرت على بعض ضواحيها، واقتربت كثيرا من قاعدة المليشيات المسلحة وهى مصراطة.. وهذا وضع لابد وأن يترجم فى نتائج اجتماعات برلين التى دعت إليها المستشارة الألمانية ميركل لحل الأزمة الليبية.
والمطروح على هذا المؤتمر تحديدا الآن التوصل إلى صيغة اتفاق جديد يكون بديلا لاتفاق الصخريات الذى تجاوزه الزمن، وهو الاتفاق الذى جاء بالسراج رئيسا لحكومة ليبيا، وذلك بعد ان تغيرت الاحوال، واستقال عدد من اعضاء المجلس الرئاسى الذى ترأسه.. وسيعقد ذلك طبقا للاتفاق الجديد تشكيل حكومة ليبية جديدة غير حكومة السراج تتولى الإسراف على انتخابات برلمانية ليبية عاجلة.. وتصر مصر أيضا على أن ينتهى مؤتمر برلين بالتأكيد على وحدة ليبيا وعلى ضرورة تطهيرها من الميليشيات المسلحة.
وإذا تحقق ذلك سوف تضمن مصر التخلص من التهديدات والمخاطر الليبية على أمنها القومى، خاصة بعد أن قطعت الطريق بنجاح على التدخل التركى فى ليبيا.