إيران ليست ملاكا!
أنا متفهم لحالة الفرحة التى انتابت البعض لتجرؤ إيران على ضرب قاعدتين عسكريتين أمريكيتين فى العراق ردا على مقتل سليمانى، فإن قلوب الكثيرين منا مغلقة على غضب كبير تجاه أمريكا لما فعلته بِنَا وبمنطقتنا.. فهى التى دعمت إسرائيل دوما وما زالت وساندت عدوانها على الأرض العربية وشعوبها وتسعى الآن لتصفية القضية الفلسطينية لحرمان الشعب الفلسطيني من حقه المشروع فى الحرية والاستقلال..
وهى التى رعت تنظيمات العنف والإرهاب فى منطقتنا والعالم.. وهى أيضا التى غزت العراق وقوضت دولته الوطنية ونشرت الاضطراب فيه، وسلمته للنفوذ الإيرانى.. وهى أيضا التى رعت غزو ليبيا والذى أفضى فى نهاية المطاف الى تقسيمها وسيطرة ميليشيات إرهابية عليها.. وهى كذلك التى سعت لتمكين الإخوان من السيطرة على الحكم فى بلداننا، وفى المقدمة منها مصر، لتوفر الأمن لإسرائيل وتحمى مصالحها فى منطقتنا.
اقرأ أيضا: اللعبة تغيرت
كل ذلك أعرفه وأدركه بل وحذرت منه كثيرا بقلمى هذا على مدى عقود مضت.. لكنى لا أوافق من جعلتهم الفرحة يصلون إلى مرحلة الإشادة بإيران، غافلين عما فعلته وتفعله فى منطقتنا لفرض نفوذها هى الأخرى علينا، فى إطار أطماعها القومية وليست الدينية أو الطائفية، وهى الأطماع الفارسية القديمة ذاتها التى كانت موجودة فى عهد الشاه وقبل سيطرة الخميني على الحكم فيها بعد أن انقض على شركاء الثورة الإيرانية ونكل بهم وقمعهم، وهو ذات الأمر الذى فعله الإخوان بعد ٢٥ يناير ليستولوا وحدهم على الحكم فى مصر.
لقد وصلت الغفلة السياسية بالبعض منا الى درجة تجاهل التاريخ بالقول إن إيران هى الدولة الوحيدة التي ضربت أمريكا عسكريا، رغم أن ما فعله الشعب الفيتنامي بالأمريكان ما زال فى ذاكرتنا فلم ينساه البعض.. إن من أذل كبرياء أمريكا هو الشعب الفيتنامي منذ سنوات مضت حينما تصدى لها فى ملحمة بطولية بقوة وشجاعة والحق بها هزيمة كبيرة وألحق بها الكثير من الخسائر الفادحة والضخمة الحقيقية.
اقرأ أيضا: بداية ساخنة للعام الجديد
أفيقوا أيها الغافلون وانتبهوا لما يحدث حولكم.. وإذا كانت أمريكا كما يقول الإيرانيون هى الشيطان الأكبر، فإن إيران ليست ملاكا وإنما هى الأخرى بما فعلته فى منطقتنا هى شيطان أصغر أيضا، وأظن أن الإيرانيين هم الذين يتباهون بنفوذهم فى أربعة بلدان عربية وليس نحن الذين قلنا ذلك.