ماذا أضاف المستشار «عصام المنشاوي» إلى النيابة الإدارية؟
لا يمكن للمنصب أن يصنع إنسانًا بمواصفات خاصة، بل إنه بالكاد يضع له ضوابط ومحاذير ومناخًا مناسبًا يتحرك خلاله، فنجد بيننا موظف بسيطً لا يستطيع تلبية إحتياجات بيته الأساسية ويرفض المساعدة أو ما يزيد عن حقه، ونجد رئيس مصلحة الضرائب راتبه يفوق تصور أغلب العاملين تحت رئاسته، ثم يُضبط مرتشيًا!
ومن هنا كان لزامًا علينا أن نشير إلى بعض الجوانب المتميزة في بعض القيادات لتكون قدوة، كما نسلط الضوء على المخالفات والتجاوزات، فمهنة الصحافة هي مصباح يكشف ما يهم المجتمع كاملاً وليست قاصرة على شريحة واحدة.
ومن القيادات التي تضرب أروع الأمثلة في العفة وطهارة اليد «المستشار عصام المنشاوي» رئيس هيئة النيابة الإدارية، هو من أهل التأمّل ولا يمرّ بسهولة على التحقيقات قاصدًا الوصول إلى العدالة التي ينشدها، والذي بدأ عهده برفض استمرار تخصيص مبلغ مالي كبير للعلاقات العامة لمكتبه «مكتب رئيس الهيئة» وهو مبلغ يخصص لضيافة الزوار والنثريات التى يحتاجها المكتب الذي يستقبل عشرات المواطنين يوميًا، وقرر أن تُصرَف كافة هذه المبالغ من حسابه الشخصي.
وزير التعليم بين أسطورة «سيزيف» وحمار «جحا»
وبذلك يكون «المستشار عصام المنشاوي» ألغى ما سبق أن أقره رئيس الهيئة الأسبق المستشار سامح كمال، والذي خصص لذات الغرض خمسة آلاف جنيه شهريًا، وكانت زوجته، وهي في ذات الوقت «مديرة مكتبه» تتولى إنفاقها بنفسها بوصفها مديرة مكتبه، وزادت بعد ذلك إلى عشرة آلاف جنيه.
حكاية النيابة الإدارية مع تعدد نظم التأديب.
وفي ذات السياق، ضرب المستشار عصام المنشاوي، رئيس هيئة النيابة الإدارية الحالي مثالًا رائعًا على الصعيد الإنساني، والذي يعكس عُمق الفكر وبُعد النظر، وذلك في أعقاب وفاة أحد شباب أعضاء النيابة في حادث سيارة، فأعلن مبادرة مشروطة بموافقة كتابية لأعضاء الهيئة بإستقطاع مبلغ مالي شهريًا لأسرة العضو المُتوفي، رغم وجود صندوق رعاية لهذا الغرض لضمان رعاية كريمة لأسرة الفقيد، مع تعميم ذلك مستقبلًا حتى لا تُصبح هذه المبادرة مُجرد إنفعال لحظي، بل تستمر لتبقى وثيقة أمان، أفضل ما فيها أنها بعيدة عن شركات التأمين والبنوك وقريبة من قلوب أبناء هيئة النيابة الإدارية الموقرة، حتى يسود فيها جو من الوُد و الإخاء.
ولم تنتهِ الصفات البارزة لقاضي قضاة التحقيق المستشار عصام المنشاوي، فقد أصر على تخصيص سيارة واحدة فقط للأعمال المصلحية، وقد يبدو ذلك أمرًا طبيعيًا، الا أن ذلك لم يكن طبيعيًا داخل النيابة الإدارية في الماضى القريب، وخاصةً في عهد المستشار سامح كمال الذي خصص سيارة وسائق لإبنة زوجته الثانية، والتي قرر تعيينها بالهيئة حال رئاسته لها فى مسابقة تعيينات مثيرة للجدل، وهناك مخالفات أخرى مشابهة كشفت عنها تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، ولكن رئيس الهيئة الحالي اعتصم بجادة الصواب، وأبى إلا إنفاذ القانون والتعليمات ليكون قدوة لأعضاء هيئة النيابة الإدارية الموقرة.
سن تقاعد القضاة ليس بيت القصيد
ولا شك أن كل قيادة في أي منصب تحمل مزايا وعيوبا، وأن هناك دائمًا مؤيدا ومُعارضا، ولكن الذي يبقى ويشهد به الجميع والتاريخ هي البصمات المؤثرة، وأهم تلك البصمات في أي هيئة أو مؤسسة هو الجانب الإنساني الذى يدفع قاطرة العمل في أمان.
وكما سبق لنا أن عرضنا لبصمات مؤثرة لكل من المستشارين وزير العدل والنائب العام، سنعرض لاحقًا إن شاء الله للجانب الإنساني لأحد كبار قضاة محكمة النقض الأجلاء ممن شغلوا منصب مساعد أول وزير العدل، لنرى كيف يكون القاضي الإنسان.. وللحديث بقية