شاهد من أهلها
أمسك بهاتفه، وأخذ يقرأ الرسائل، وبعد كل رسالة يجري اتصالا، وبعد كل اتصال يلتقط أنفاسه ويحمد الله، يشرد ذهنه ثم يعود ليتذكر النقطة التي توقفنا عندها في موضوع نقاشنا، أقاطعه لأعرف مصدر قلقه قبل أن يستأنف حديثه، فيؤكد أنه كان على الهاتف مع أهله في (بني وليد) ليطمئن عليهم..
ففي الصباح يمر عليهم تليفونيا، وفي المساء قبل أن يخلد إلى نومه، هذا إلى جانب اتصالات مستمرة بأصدقائه في بني غازي وطرابلس ومعظم المدن في بلاده.
أما المتصل فهو المحلل السياسي الليبي سلامة الغويل، وبني وليد هي مسقط رأسه والمدينة التي يعيش فيها أهله، وأما النقطة التي نستأنف بها حديثنا هي موافقة البرلمان التركي على مطلب أردوغان بإرسال قوات إلى طرابلس، والهتاف الذي تطاير صوته من هاتفه أثناء اتصاله فكان لأهالي بني وليد، فقد أكد له صديقه أن الأصوات في المدينة تتعالى رفضا لاستقبال قوات أجنبية على الأراضي الليبية.
اقرأ أيضا: انتبهوا.. الأسلحة فاسدة
“الغويل” الذي عمل مسئولا في أكثر من سفارة ليبية.. شأنه شأن غالبية الليبيين في رفضهم لدخول قوات أجنبية إلى ليبيا، لأنه ينطوي على أطماع عمرها مئات السنين، وأي خطوة لقوى أجنبية وراءها أهداف، وهذا مرفوض من الجميع، باستثناء قلة حساباتها مختلفة عن حسابات الليبيين.
يرفض “الغويل” محاولة البعض إزاحة الشعب الليبي من المعادلة، مؤكداً أن الشعب الذي رفض الاستعمار وناضل لينال استقلاله.. لن يرضخ لاستعمار يحاول تجديد ما مضى على أراضيه، فأرواح المناضلين التي زهقت فداء للوطن.. يستحضرها الشباب الليبي، والدليل على ذلك -والكلام للغويل- أن مدينة بني وليد وهي المجاورة لطرابلس الغرب..
اقرأ أيضا: أنفاق سيناء
انقسم أهلها بين طرفي الصراع، فمنهم من يحارب مع الجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر.. ومنهم من يقاتل مع حكومة السراج، ومع ذلك يرفض الطرفان التدخل الأجنبي في الصراع الليبي الليبي، ومن كانوا مع القذافي ومن ثاروا ضده بدأوا يتداولون ما قاله في أحد خطاباته عن المطامع التركية والأوروبية في ليبيا، وهي مطامع عمرها عشرات السنين.. وكذلك يرفضون الخضوع الى هواة السياسة الجدد من العرب.
واقرأ أيضا: دفاعًا عن الأستاذ "حمو بيكا"
“سلامة الغويل” يرى أن الشعب الليبي كفيل بصد أي تدخل أجنبي، لأنه يعلم أن منح أي قوة خارجية موطأ قدم في ليبيا يعني استعمارا جديدا، وخطرا حقيقيا يهدد استقرار المنطقة، ويزيد من فرقة الشعب الليبي، فلا بديل عن حل يحقن الدماء، وهو ما طرحته مصر أكثر من مرة، لكن حسابات لآخرين تسعى دائما لعرقلة الحلول المصرية رغم أن جميع الليبيين يدركون أن أمن مصر وليبيا القومي واحدا، والإضرار بأحدهما إضرار بالآخر، ولن يعود الاستقرار إلى ليبيا إلا بالحلول المصرية لأنها الضامن الوحيد لسيادة الشعب الليبي على أراضيه.
besheerhassan7@gmail.com