مصر والحرب!
أعجب لنفر منا ارتفعت أصواتهم عالية قبل أسابيع يطالبون بالحل العسكرى لمشكلة سد النهضة، حينما تعثرت المفاوضات مع إثيوبيا حول طريقة ملء وتشغيل السد.. بينما حينما أعلنت تركيا أنها سوف ترسل قوات عسكرية إلى ليبيا لتحارب الجيش الليبى وتحتل طرابلس وتقيم قاعدة عسكرية فيها ارتفعت أصواتهم للمطالبة بشىء مختلف تماما وهو عدم التورط فى حرب مع تركيا على الأراضى الليبية.
رغم أن الوجود العسكرى لها يهدد الأمن القومى المصرى بشكل مباشر، فهى تريد الهيمنة على مصر من خلال إعادة الإخوان للحكم فيها، في إطار حلمها بإحياء الإمبراطورية العثمانية!
اقرأ أيضا: اللعبة تغيرت
أقبل بالطبع أن ينبه البعض منا إلى خطورة الحرب والمطالبة بتفاديها، لكننى أتوقف فقط أمام هؤلاء الذين يتحمسون للحرب أمس، ويحذرون منها اليوم.. وهكذا تصاغ المواقف حسب الأهواء.. ولكن الأخطر أن الموقف تجاه الإدارة المصرية المالية يسهم فى تشكيل هده الأهواء !
وللجميع، سواء هؤلاء الذين يتخوفون من الحرب فعلا، أو الذين يريدون فقط إحراج الإدارة المصرية أقول لهم إن مصر لن تتورط فى حرب يمكنها تفاديها.. لا أقول ذلك فقط استنادا إلى مواقف مسبقة، جعلت مصر لا تتورط في اليمن رغم الإلحاح عليها بالمشاركة بقوات برية فى معاركها، أو في سوريا رغم أن الظروف الدولية كانت مهيأة لذلك.. ولا أقول ذلك أيضا استنادا إلى تصريحات الرئيس السيسى شديدة الوضوح التى قال فيها قبل وقت قصير إن مايحدث فى ليبيا يسوغ لمصر التدخل ألعسكرى فيها حماية لأمنها القومى، لكنها لن تفعل ذلك احتراما لليبيين وحرصا على مشاعرهم ولأنها ترفض التدخل الأجنبى فى المسألة الليبية.
اقرأ أيضا: أمريكا والتدخل التركي فى ليبيا
كذلك لا أقول ذلك لأننى ما زلت مقتنعا أن تركيا لأسباب عديدة أبرزها معاكسة الظروف اللوجستية لها لن تدفع سوى بقوات رمزية فقط إلى ليبيا، قدرتها دوائر غربية بنحو ١٥٠ عسكريا، لن تكون كافية لتغيير موازين القوى العسكرية الراهنة على الأرض فيها.
لكنني أقول ذلك لمعرفتي بالخطوط الأساسية للسياسة المصرية الخارجية، والتى من بينها التزام الحكمة والحذر مع الحزم أيضا.. مصر لن تحارب إلا إذا فرضت الحرب عليها، وهى بتقوية جيشها ونسج علاقات قوية في الساحة الدولية تسعى ألا تُفرض حرب عليها.