بهاء سلطان.. «عن البنفسج الذى يُبهجنا وهو حزين»
«لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع».. مقولة من الممكن أن تستخدم على جميع المستويات، الزواج، الحب، العمل، وكل ما يتعلق بـ«الأمزجة»، إلا أنها لا تنطبق – فعلًا وقولًا- على المطرب الأجمل، بهاء سلطان، فـ«السلطان» لا يختلف على صوته أحد، الجميع تلمس أناملهم السماء عندما يغني «بهاء» ببهاء. يدركون قدره وقدرته على صناعة أجمل شيء من لا شيء، يكفى أن يغني وقطعًا المتعة ستكون حاضرة في أكمل صورة لها.
اقرأ أيضا: نحن «الثُلث».. ولنا الفقر كله!
الموهبة الربانية التي يتمتع بها «بهاء»، بعيدًا عن الأزمات التي صنعها بـ«طيبة يحسد عليها»، تتجلى في كل شيء، وليس الغناء فقط، فيكفي أنه أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بـ«مقطع ابتهالي» لأشهر عدة، ويكفي أنه استطاع كسر المثل الشعبي القائل «ما عدوك إلا ابن كارك»، فجميع من في الوسط الفني، يشهدون بموهبته، يتحدثون عنه بنبرة لم تخلُ – في أي مناسبة- من حزن وحسرة على ما آلت إليه أموره.
اقرأ أيضا : بيتهوفين والسيمفونية الخامسة للأحذية
«لا تشاهد بهاء وهو يتحدث».. قطعًا من تابعوا لقاءات «السلطان» التليفزيونية سيكتشفون الحقيقة هذه، فـ«بهاء» خجول إلى الدرجة التى ستجعلك تعطف عليه من الأضواء، من الأسئلة، المجاملات، ستجعلك تضعه مكان شقيقك الأصغر، ابنك المفضل، أو صديقك الأقرب، ستخلق منك رفيقًا وحليفًا له، ولكنك في الوقت ذاته، ستنسى كل هذا فور أن يمسك بـ«المايك» ليبدأ في الغناء، ساعتها يخرج «العفريت الطيب» من قمقمه، يمسك بالكلمات بحنية لا تخلو من قوة، إنها قوة الموهبة، وروعة الإحساس، يغني «بهاء» وكأنه وحيدٌ، لا يهتم كثيرًا بمن يستمعون، يغني بقلبه، مدركًا أن «حبل الود» سيمتد – يقينًا- مع بقية القلوب التى تستمع إليه بشغف ليس بعده شغف.
اقرأ أيضا : المعاش
هل لا يُدرك بهاء سطان حجم الموهبة التى يتمتع بها؟.. قطعًا هذا السؤال مر على خاطر الكثيرين، وتحديدًا أصحاب الذائقة الفنية، فخامة الصوت التى يمتلكها «بهاء» لا يمكن مقارنتها بأى مطرب آخر، ومن الظلم أن تنحصر المقارنة هنا بالمطربين الشعبيين، فـ«السلطان» يُبدع فى كل منطقة يغني فيها، شعبيا كان أو رومانسيا، وما بالنا بالابتهال، الذي لا يقدر على الخوض في بحره، وركوب أمواجه دون سقوط متوقع، إلا قلة يمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة.
اقرأ أيضا : الموت لا يُحب الانكسار
غير أنه بالنظر إلى ما يفعله «بهاء» يتضح أنه يدرك ما هو عليه، لكنه لا حول له ولا قوة أمام متطلبات السوق، لا يعرف أن «تظبيط الشغل أهم من الشغل»، وأن «اللي له ضهر ما يتضربش على بطنه»، ولهذا تجده يخرج من أزمة ليخطو مسرعًا فى اتجاه كارثة، دون أن يقصد أو حتى أن يتخذ حذره، فموهبته المجنونة – في بعض الأحيان- تجعله بعيدًا كل البعد عن «وضع الحسابات» أو حتى «ترتيب الأولويات»، هو لا يريد سوى أن يغني، لا يريد سوى أن يقف على خشبة مسرح ويغمض عينيه ويتوه بين النغمات والكلمات ولا شيء آخر.. ولهذا كان سقوطه متوقعًا ومؤلمًا فى الوقت ذاته.
واقرأ أيضا : «ترميم الذاكرة».. سيرة وطن تراه من خلف زجاج المطار
مؤخرًا استضافت الإعلامية إسعاد يونس، بهاء سلطان، وتحديدًا فى الساعات الأولى من اليوم الأول فى العام الجديد، ومن تابع اللقاء هذا، يلحظ حجم الوجع الذى تتحدث به «إسعاد» عن موهبة «بهاء»، والكم الهائل من «الحنية» التي حاولت أن تسكبها عليه طوال دقائق اللقاء، ناهيك عن «النظرات الحانية» التي كانت تتبادلها معه بين الحين والآخر، وهذا إن كان يكشف شيئا فإنه يكشف أن سيدة بحجم إسعاد يونس، وخبرتها العريضة فى المجال الفني، تعرف حجم الكارثة التي حلت على الغناء المصرى باستمرار غياب «بهاء» عن الساحة، والانفراجة التى يمكن أن تحدث حال انتهاء مشكلاته –غير المبررة– مع المنتج نصر محروس، الذي أعلن –والعُهدة عليه- أنه سينهي سنوات «الخصام» مع السلطان، وهذا أمر لو تعلمون كم هو عظيم.