رئيس التحرير
عصام كامل

سأحكي يومًا لأحفادي

هذا عنوان مقال لأحد الكتاب، لفت انتباهي، لكن لم يدفعني فضولي لقراءة المقال؛ لأن العنوان ألقى في نفسي سؤالًا لم يحن الوقت إليه، ولست مضطرًا لإيجاد إجابة له، لكني توقفت مع نفسي وسألتها: إذا شاءت الأقدار وأمتد الأجل حتى أرى أحفادي -إن قدر الله لي ذلك- ماذا سأقول لهم؟! وهل سأروي لهم قصصًا أنا البطل فيها؟ أم سيكون البطل فيها مستعارًا؟

 

تحيرت كثرًا وشردت بالذهن، ورفرفت بأجنحة الفكر، وروحت أبحث في شريط الذكريات، ما هي الأشياء التي سأسردها لهم وقتها؟ هل سأحكي لهم عن العمل؟ أو الحب؟ أو الصداقة؟ أو الزمالة؟ أوعن الأبناء؟ الذين هم آباؤهم أو أمهاتهم، أم عن الأخُوة؟  هل سأحكي لهم عن هذه الأشياء أوعن أشياء أخرى لم أعلم عنها شيئًا بعد؟!

 

بعد تفكير عميق، وتوقف مع النفس للحظات، وجدت أنه ليس المهم عن أي شيء سأحكي لهم، لكن ماذا سأقول لهم؟ وكيف أحب أن يروا هذه الأشياء التي سأقصها عليهم؟ وأي صورة أحب أنقلها لهم؟ لذلك يجب أن أجعل كل شيء في حياتي جميلًا، حتى إذا ما وصل إليهم شعرت بالفخر والفرحة في أعينهم، ساعتها، سأجد الكثير من القصص التي تروى على لساني أو لسان غيري، وسأجد الكثير من الإجابات لأسئلة يرددها الأحفاد على مسامع أجدادهم.

اقرأ أيضا: «العباقرة» أول برنامج مصري تعليمي يفوز ببرونزية "إيفي آوردز" العالمية

أيقنت أن حاضرنا الذي هو تاريخ من بعدنا، ليس ملكًا لنا وحدنا، الأمر الذي يجعلنا نعبث به كيف نشاء، لكنه إرث لأحفادنا، ينقل إليهم على أيدينا أو أيدي غيرنا، لا يهم من الناقل، لكن الأهم أن ينقل إليهم بصورةٍ تبعث في نفوسهم الفخر والاعتزاز، وترسم لهم طريقًا للنجاح، وتشعل فيهم قيمًا ومعانٍ إنسانية مشرفة، وتفتح في آفاقهم رؤى ومجالات للإبداع، وتحدد لهم شكلًا للعلاقات.

 

يجب أن تكون قصصنا ربطًا لماضينا بواقعهم، ومرآة جميلة لتاريخ مشرف، ونافذة ينظرون منها إلي كل جديد نافع، وحاجزًا لهم عن كل غريب ضار، فلا ينفكون عن حضارتهم، ولا يضيعون في مستجدات عصرهم؛ لنحفظ لهم هويتهم، فيحفظون لنا مستقبلنا.

الجريدة الرسمية