ثورة العراق المباركة
أعظم ما فى ثورة العراقيين هذه المرة أنها عفوية لا تقف جهة وراءها ومعظمها من مناطق شيعية، انطلقت الاحتجاجات الشبابية بعد عام كامل من تشكيل حكومة عبد المهدى، التي لم تقدم جديدا، وتعاملت باستهانة مع ملفات ملحة أبرزها تردي الخدمات، وانتشار الفساد الإداري بشكل سرطانى، وزاد الطين بلة أن الحكومة تعاملت بعنف شديد مع الشباب، دون دراسة الموقف دراسة متأنية والاستجابة للحشود الغاضبة.
المثير في ثورة العراقيين أن النظام تعامل معها بإجحاف، عندما حاول بعض القادة المهمين على الساحة السياسية التقليل من أهميتها بل ووصفها بأنها تخريبية، أما الطرف الرسمى فلم يخف تعامله بالقوة المفرطة ضد الشباب، إضافة إلى استنساخ موقعة الجمل حيث بدأ اصطياد المتظاهرين بالرصاص الحي من مواقع استطاعت كاميرات الشباب تصويرها، وفضح الأمر، ومع تزايد عدد الشهداء من الشباب زاد الحماس والبقاء في ساحات التحرير في معركة كشفت الوجه القبيح للسلطة الرسمية التي تدير البلاد.
السنة من جانبهم لم يشاركوا إلا في العاصمة وخلت مناطق نفوذهم من الحراك ،خشية أن يؤثر ذلك بصورة سلبية على عدالة المطالب الشعبية..لو شاركت مناطق السنة لكان سهلا على النظام الحاكم اتهام القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية بالوقوف خلف الاحتجاجات، شاركت أطياف مختلطة من كل العراقيين في احتجاجات العاصمة، بعد مرور ستة عشر عاما من التخبط والمحاصصة التي أدت إلى نكبات لن يبرأ العراق منها إلا بثمن بخس.
اقرأ ايضا: فساد بالمجاملة !
مجلس الأمن بدأ الحركة والمطالبة بالتحقيق في القمع المفرط من جانب الحكومة، خاصة مع إصرار جموع الشباب على عدم العودة إلى البيوت، قبل ترشيح رئيس حكومة مستقل بعيدا عن الطبقة الحاكمة منذ ستة عشر عاما.
محمد شياع السودانى المرشح لتولي منصب رئيس الحكومة شخصية مرفوضة من جانب ساحات الاحتجاج، بسبب توليه عدة مناصب سابقة، شيوخ العشائر انضموا للمتظاهرين رفضا للفساد المستشرى في كل مناحى الحياة.
واقرأ ايضا: تونس.. مناظرة الإلهام الديموقراطى
إن ثورة العراقيين ضد كل وجود أجنبي، وضد مبدأ المحاصصة وضد التدخل الأجنبي، وضد الفساد الذي وضع العراق في مكانة متدنية من حيث الشفافية، وقضى على قوة العراق، وأهدر إمكانياتها وحول شعبها إلى شعب جائع، بعد أن كان واحدا من أغنى شعوب العالم، ولأن التحديات صعبة فإن الثمن لابد وأن يكون على قدر هذه التحديات، ثمن الاستقلال والحرية لا يكون مالا ولا أرضا.. ثمن الحرية دم!