رئيس التحرير
عصام كامل

فساد بالمجاملة!!


قال الرئيس "عبد الفتاح السيسي" إنه لم يجامل في حياته، لأن مجرد المجاملة فساد وهذا صحيح، فكم من مجاملات أهدرت حقوقا وأضاعت قيما وأثارت في نفوس كثيرة غبنا وغضبا ما يجعلها بالفعل فساد كبير، المجاملة قد تحيد عن الحق، وتمنح غير ذي حق حق آخرين، ودهاليز الحكومة حبلى بالكثير من الفساد المستتر، تحت عباءة المجاملات، وقد تتعدى المجاملة لتصل إلى حد جريمة أبشع من جريمة الفساد العادى.


وعندما تنفذ الأحكام القضائية ضد الضعيف، ويترك الكبار أحرارا يعيشون بأموال من أكلوا حقوقهم فهذا غبن وضيم وفساد كبير.. عندما لا يستطيع ضابط تنفيذ الأحكام أن يقوم بواجبه لتنفيذ القانون، لأن تعليمات صادرة إليه بعدم الاقتراب من فلان أو علان فهذا إثم كبير، وعندما يكيل المنوط به تنفيذ القانون بمكيالين، فهذا إهدار لقيمة إنسانية ترسخت على مدار التاريخ، وأصبحت معلما أساسيا من معالم المساواة.

الكل أمام القانون سواء الأمير والخفير.. القوى والضعيف، فالقانون هو الأساس والدستور هو القيمة، التي لا ينبغى أن تهدر لصالح الأقوياء، فتتحول الدنيا إلى غابة، وتصبح الحياة ضربا من الجنون والمجون، ويتحول الضعفاء إلى مطايا للأقوياء، ويصبح الفقير مجرد كمالة عدد، تنفذ عليه الأحكام دون غيره..

أقول ذلك بمناسبة الحياة الطليقة التي يحياها الدكتور "السيد البدوى شحاتة" المطرود من حزب الوفد رغم صدور أحكام قضائية ضده، وحدود علمى أنه عندما يقول الرئيس إنه لم يجامل في حياته فإن هذا يعنى أن كافة مؤسسات الدولة لابد وأن تدرك أن المجاملة في مثل هذه الأمور أمر جلل، وحدود علمي أن بوزارة الداخلية شرفاء يدفعون حياتهم ثمنا لقيم الأمن والأمان، وما تنفيذ الأحكام إلا واحدة من قيم الأمان في المجتمعات الإنسانية الراقية، وغير الراقية، وحدود علمي أن بجهاز الشرطة إدارة للتفتيش، فهل يمكنها أن تبحث هذا الملف لدى مديرية أمن الجيزة ووحدة تنفيذ الأحكام بها؟..

أظن أن "البدوى" ليس على رأسه ريشة، ولا يتمتع بحصانة تحميه من تنفيذ القانون، وإذا كان حزب الوفد قد اتخذ الإجراءات القانونية لفصله من الحزب تنفيذا لأحكام القضاء، فإن هذا يعنى أن المؤسسات الحكومية المنوط بها تنفيذ الأحكام قد وضعت في موقف حرج، وآن الأوان لأن تتحرك حماية لحقوق شركات ومؤسسات وأفراد أكل "البدوى" أموالهم بالباطل، وحكم عليه القضاء بالحبس ست سنوات، ومثلها لابنته الهاربة خارج الحدود، ولايزال الرجل طليقا لم يزر بيته مسئول واحد أو ضابط واحد ليقبض عليه احتراما لأحكام القضاء.

نفس الظروف تنطبق على "إيهاب حسين طلعت" الصادر ضده أحكام، والمتهرب من دفع الضرائب، ولا يزال ملفه مفتوحا في مبنى ماسبيرو، وفي مبنى مؤسسة الأهرام العريقة.. لم تتحرك إدارة مكافحة التهرب الضريبي ضد المذكور، ولم تتحرك جهات تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية للقبض عليه، دون أن نعرف لذلك مبررا قانونيا أو مسوغا منطقيا يخالف الأعراف والقوانين، وهو ما يبعث برسائل سلبية لأصحاب الحقوق الذين لجأوا إلى القضاء، فكان مصيرهم الحصول على أحكام مجرد حبر على ورق.

إننى لن اتراجع يوما عن متابعة تلك القضية، وكل قضية تهم أصحاب حقوق تصرفوا وفق ما حدده القانون، فحصلوا على أحكام قضائية، ولم يجدوا طريقا لتنفيذها بسبب المجاملة أو الإهمال، وفي كلاهما جريمة إهانة للأحكام القضائية، وإشارة إلى تحول المجتمع إلى غابة، يسعى الناس فيها للحصول على حقوقهم بالقوة، وهو أمر جد خطير نأبى على بلادنا أن تصل إليه ونحن من صاغ للبشرية ضمير.
الجريدة الرسمية