قوانين الأسرة.. وكل نائب بالإشارة يفهم
لم يعد المجتمع المصرى يتحمل تجاهل نواب معاناة عائلاته وأطفاله من عوار قانون الأحوال الشخصية والأسرة؛ ورهن ورود سيرة تغييره على ألسنتهم بإشارة أو تلميح من الرئيس في مؤتمر بين الحين والآخر.
الرئيس، بعد الثلاثين من يونيو، تحمل عبء التشريع وإصدار القوانين حتى انتخاب برلمان، كان نوابه يرون ضرورة تجاوز أي فراغ تشريعي محتمل بالموافقة على قراراته بقوانين خلال أيام انعقاده الأولى، وتصدعت رءوسنا جميعا بمناقشة هذه المسألة لدرجة ممارستنا لنوع من الإشفاق على النواب، خاصة حديثي العهد بالعمل التشريعي والرقابي، لأن الرئيس الانتقالي كان قد فوض صلاحياته لرئيس الوزراء في مجالات متعددة استلزمت عملية ضبطها وإدارتها تعديلات واسعة لتشريعات أو إقرار قوانين جديدة، وكذا الفترة البينية في المسافة المقطوعة منذ انتخاب رئيس للجمهورية وحتى انتخاب البرلمان.
مر عام الحمل التشريعي الأثقل على البرلمان، وبدت لنا جميعا مظاهر حالة مؤسسية لإدارة شئون الدولة بآلية مكتملة دستوريا، وسعت بعض الأحزاب لملء الفراغات الناتجة عن تغييب البرلمان قانون المحليات، بتقديم خدماتها غير المألوفة عن دورها للجمهور في مختلف المحافظات، وزال عن النواب كثير من عبء الجمع بين الدورين النيابي والخدمي، لكننا وجدنا نوابًا ولجانًا برلمانية متأخرة في تلبية حقوق تشريعية ومطالب مجتمعية عاجلة؛ كقوانين الأحوال الشخصية والأسرة، والإيجارات القديمة.
مناقشات كافة المضارين من قانون الأحوال الشخصية الحالى، وصلت حد زيارات ومقابلات خاصة مع نوابهم في مكاتبهم بدوائرهم؛ وتحديد العوار الواضح بالقانون الحالى وتطبيقاته، والذهاب لكافة الفعاليات والندوات المناقشة لمشروع القانون، وانتظار الحلقات التليفزيونية لعمل مداخلات معهم لتأكيد معاناتهم، والكل يدرك أن لجنة بعينها داخل المجلس هي التي تأخرت في تصدير مشروع القانون للمناقشة؛ بزعم تراخي جهات استشارية عن الرد عليها حتى تجاوزت دورها بإعداد وإرسال مشروع قانون جديد للبرلمان تقول إنه "متكامل"!!.
الكل بات يفهم؛ عائلات المعاناة ونواب الجد، أن رئيسًا للجنة برلمانية بعينها، تذيل قائمة اختيار رئيس الجمهورية للمعينين في البرلمان، يقف وحزبه المتراجع سياسيا وشعبيا وراء تعطيل إجراءات مناقشة مشروع القانون، وربما تفسر تحركاته وخطاباته الحزبية باتجاه المرأة، وفى حضور قيادات نسوية، بوجود شبهة انحياز نيابي مسبق له ونواب حزبه لشريحة مجتمعية على حساب مبرر وجود القانون نفسه، وهو تحقيق العدل ورفع الظلم وضبط العلاقات وتنظيمها.
ولو أن الحكومة تأخرت في تقديم مشروع قانون، لكان أولى بالمجلس مناقشة مقترحين جاهزين؛ قدمهما الدكتور "محمد فؤاد"، ونائبة أخرى قيادية بالمجلس القومى للمرأة، وشهدنا جلسات حوار مجتمعي ونقاش برلماني حولهما؛ بدلا من مغافلة المتضررين بقانون جديد في أي وقت، كما يتصورون ما يمكن أن يُفعل بهم.
الكل يعلم طريقة التصويت في البرلمان على القوانين، والوقت الضيق الذي لا يسمح لمواطنين بالاقتناع بأن بضع دقائق تكفي لتحديد أيادى النواب المرفوعة مصائرهم، والتي أصبحت مادة دسمة لتصريحات صحفية لهم بين وقت وآخر، وقد رفعوا أياديهم أمام أداء نواب لا يعيرون اهتماما لآلامهم الأسرية، وربما بينهم غير الجاهز فنيًّا لمناقشة هذا القانون تحديدًا.
لو أن نائبًا من أصحاب التصريحات المعقبة على إشارات الرئيس للكارثة، تنبه لمعاناة المضارين من تأخر صدور قانون جديد عادل للأحوال الشخصية والأسرة، لصحح بوصلته، وأدرك من أين تأتي الإشارة التي بها يفهم، وتفرغ فقط لمذاكرة ومراجعة الدستور والمواثيق الدولية والواقع المأزوم، ولأصبحت تصريحاته موجهة لرئيس اللجنة المسئولة عن تعطل القانون، قبل الوقوف في اختبار مشهد التصويت على قانون محتمل، لا يعرف هو مثلنا مصدره.
ربما موقف كهذا نجده أكثر قبولًا من التزيد بالتعليقات الصحفية على إشارات القيادة السياسية.