رئيس التحرير
عصام كامل

المايسترو "لازم يكون شخصية".. قائدو الموسيقى العربية في دار الأوبرا يتحدثون لـ"فيتو".. مصطفى حلمي: العازف المصري "فريد".. علاء عبدالسلام: لا غنى عن "الكاريزما".. وأحمد عامر: سرعة البديهة العامل الأهم

فيتو

لا يمكن اعتبارها مجرد عصاه للإشارة، فعصاة المايسترو هي شارة البداية والنهاية لأي عمل موسيقى، خاصة داخل الحفلات الموسيقية الضخمة التي تعمل دار الأوبرا المصرية على إقامتها داخل دورات مهرجان الموسيقى العربية كل عام، حيث يقع على عاتق المايسترو إدارة الحفل والتفاهم فيما بينه وبين الفرقة الموسيقية، إضافة إلى عمل التوزيعات الجديدة لأغاني المطرب الذي يستضيفه المهرجان.


وعلى مدار السنوات الماضية، اعتمدت دار الأوبرا المصرية مجموعة من قائدي الفرق الموسيقية الشباب، الذين عملوا على إضفاء لمساتهم المختلفة داخل توزيعات أغاني الحفلات، وبرنامج الأغاني بشكل كامل، ما أعطى لمسة حديثة، وأبعاد موسيقية جديدة نجحت من خلالها الأوبرا في ضخ دماء جديدة إلى مسارحها.

وفي الدورة الثامنة والعشرين للمهرجان، يعمل العديد من قائدي فرق الأوبرا المصرية على التعامل مع كبار الفنانين العرب المشاركين في المهرجان، وللحديث عن خصوصية الدورة الحالية، والشخصيات المميزة للقائد، تحدثنا في البداية مع المايسترو مصطفى حلمي، الذي قال إن حفلات مهرجان الموسيقى العربية لها خصوصية بقلب كل مايسترو في دار الأوبرا المصرية، مشيرًا إلى أنه يقود أربع حفلات هذا العام، من بينهم الفنانة مي فاروق وسوما والمطرب اللبناني الكبير مروان خوري، وأمير الطرب العربي هاني شاكر، والعازف العراقي الكبير فرات قدوري، حيث عمل مع كل مطرب وفنان منهم على إضفاء لمسات موسيقية وأبعاد مختلفة بتوزيعات تبتعد عن النمطية.


وأشار حلمي إلى أن المباحثات والتحضيرات للحفل تبدأ قبل فترة كبيرة من الموعد المقرر للحفل نفسه، حيث يتشاور مع المطرب على اختيار الأغاني المقترحة لبرنامج الحفل، ويدور الحديث ما بين المطرب والمايسترو حول الإضافات واللمسات التي يمكن إضافتها على أغاني الحفل.

وحول الصفات المميزة لقائد الأوركسترا الناجح، قال حلمي: إنه لابد وأن يكون دارسا جيدا للموسيقى، وأن يكون ملما بآلية العزف على كل آلة موسيقية حتى لو لم يكن يعزفها، وإنما لابد له من معرفة أبعادها الموسيقية ونطاقها الموسيقى، إضافة إلى الصفات الشخصية، حيث يصل عدد العازفين في كل حفل إلى ما يقارب الثمانين عازفا، لذا لابد وأن يملك المايسترو شخصية قيادية تمكنه من توجيه العازفين والتأثير فيهم.

المايسترو مصطفى حلمي يقود حفل بدء موسم الفرقة القومية لعام ٢٠١٨

وأكد حلمي أن شخصية العازف المصري متفردة من نوعها، فالعازفون في مصر درسوا الموسيقى الكلاسيكية والغربية، وهو ما يفعله معظم عازفي العالم، وإنما تكمن نقطة التفرد عند العازف المصري في الموسيقى العربية التي لا يمكن لأي عازف عربي إتقانها مثل المصري، كونها ثقافته الأصلية بالأساس، ولأن مصر قدمت أساسات الموسيقى العربية، وقدمت لمكتبتها العديد من الروائع التي لا يمكن مقارنتها بأي إنتاج موسيقى في العالم، مؤكدًا أن العازفين العرب الذين يوازنون ما بين دراستهم للكلاسيكيات والغربيات والموسيقى العربية هم عازفون نُدُر للغاية، ولا يمكنك إيجادهم بسهولة.


فيما قال المايسترو علاء عبد السلام قائد فرقة الإنشاد الديني في الأوبرا: إن الدورة الحالية للمهرجان مختلفة بالكامل عن دوراته السابقة على نطاق فرقة الإنشاد الديني، حيت تتزامن ذكرى المولد النبوي مع الدورة الثامنة والعشرين للمهرجان، ما يجعلنا نحتفل باحتفالين في الوقت نفسه، الأول هو عرس الأوبرا السنوي المتمثل في المهرجان، والثاني الذكرى المحمدية، لذلك تم إعداد برنامج غنائي متنوع يتناسب مع قيمة الحدثين، إضافة إلى قيادته لحفل الفنان القدير محمد ثروت داخل المهرجان.

وتحدث عبدالسلام عن المساحة التي مهدتها دار الأوبرا المصرية للقادة الشباب لتمكينهم قائلا: إن دار الأوبرا بدأت في فترة تولي الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة لإدارتها، التفكير في خلق جيل جديد من القادة الموسيقيين في فرق الموسيقى العربية، وهو ما جعل كل عازف وقائد فرقة يبدع في إخراج الموسيقى بأفضل مستوى ممكن، بالتزامن مع تربية كل قائدي الفرق حاليًا على يد عمالقة الموسيقى والقائدين الكبار قامة وعمرًا، وبالفعل أدت تلك الخطوة إلى تطوير القوالب الموسيقية المعتادة وإضفاء أفكار جديدة على توزيعات الأغاني.

المايسترو علاء عبد السلام يقود سهرة الإنشاد الديني بمسرح الجمهورية

وعن شخصية القائد الموسيقى، أكد عبد السلام أن المايسترو لابد وأن تتوافر فيه ثلاثة شروط أساسية، أولها الشخصية القيادية أي (الكاريزما) وهي تعتمد على تواصل المايسترو مع الموسيقى على المستوى الفني داخل قاعة البروفات إضافة إلى مسرح الحفل، وعلى المستوى الإنساني من خلال التعامل الأخلاقي مع العازف، مؤكدًا أن شخصية القائد هي منحة وموهبة بالفطرة لايمكن اكتسابها.. أما الشرط الثاني فيتمثل في العلم من خلال دراسة الموسيقى والآلات والنوت الموسيقية والتعمق في الدراسة بحب، للإلمام بجميع التفاصيل الموسيقية، أما الشرط الثالث فيتمثل في الخبرة، وهو ما يتوفر في العازفين بدار الأوبرا المصرية من خلال تمرسهم على التعامل مع كبار الفنانين بالوطن العربي، وعزفهم جنبًا إلى جنب مع كبار الموسيقيين وعمالقة عالم الموسيقى.

وأضاف عبد السلام أن جميع قائدي الفرق الموسيقية داخل دار الأوبرا المصرية حاليًا، يتعاملون بحب واحترام وأخوة تجاه بعضهم البعض، حيث تربوا جميعهم داخل أروقة دار الأوبرا، لذا لا يملك أي منهم ضغينة تجاه الآخر، بل يساعدون بعضهم البعض ويحضرون تمرينات بعضهم ويمكن أن يساعد قائد في كتابة النوتة الموسيقية لصديقه، لذا لا يشعر أي قائد موسيقى بحساسية مفرطة تجاه القائد الآخر، عندما يعمل أحدهم كموسيقى في فرقة قائد آخر، مؤكدًا أن القيادة الموسيقية ليست لها أي علاقة قريبة أو بعيدة بالعمر، بل بالإبداع والشخصية.


أما المايسترو الشاب أحمد عامر القائد في فرقة عبد الحليم نويرة الموسيقية داخل دار الأوبرا، فأكد أن دار الأوبرا كانت منصة رحبة لإتاحة الفرصة لقائدي الفرق الشباب، وإعطائهم ساحة عملاقة مثل ساحة مهرجان الموسيقى العربية للإبداع داخلها، والتعامل من خلالها مع كبار الفنانين والمطربين في الوطن العربي، مضيفًا أن القائد الموسيقى داخل دار الأوبرا المصرية يستطيع قيادة أي فرقة موسيقية، نظرًا للخبرة الطويلة التي يتم توفيرها للقائد الموسيقى داخل أروقة وحفلات الأوبرا ومهرجاناتها.

المايسترو أحمد عامر يختتم موسم كورال الأطفال بالأوبرا (صور)

وأضاف أحمد عامر أن قائد الفرقة الموسيقية هو من أكثر الشخصيات داخل العمل الذي لابد وأن يتوفر فيه عنصر الالتزام، حيث يبدأ التحضير للحفل مع الفرقة الموسيقية والمطرب قبل الحفلات بفترة طويلة، ويعيش في تفاصيل الحفل من بدايتها لنهايتها سواء من الناحية الموسيقية أو من الناحية الإدارية تجاه العازفين المرافقين له، لذا لابد وأن يكون مثالا يحتذى به كل عازف مرافق، مؤكدًا أن مشاركة القائد الموسيقى كعازف في أي فرقة أخرى لا يقلل من قيمته كمايسترو، وإنما يثبت ذلك حبه للموسيقى وتفانيه لآلته الموسيقية بعيدًا عن المسميات والقوالب.

المايسترو أحمد عامر يكشف كواليس إعداده لمهرجان الموسيقى العربية

وأشار عامر إلى أن أهم صفة لابد وأن تتوافر في المايسترو هي علمه وشخصيته، إضافة إلى سرعة البديهة، حيث يمكن أن يتعرض المايسترو للكثير من الأخطاء القدرية على خشبة المسرح، مثل مشكلات في الصوت أو المايك، أو يمكن أن تواجه المطرب أي أزمة على المسرح، وبالتالي لابد وأن يتدارك الموقف بشكل سريع، لإيجاد الحلول البديلة دون أن ينتبه الجمهور داخل الحفل لوقوع أي خطأ فني قدري، وبالفعل يوجد العديد من الحلول التي يمكن للمايسترو ابتكارها بشكل لحظي داخل الحفل بالإشارة فيما بينه وبين الفرقة الموسيقية التي تستطيع فهم إشاراته وترجمتها بشكل لحظي ضمن الاتفاق الذي يضعه المايسترو مع أعضاء فرقته.
الجريدة الرسمية