رئيس التحرير
عصام كامل

اعترافات مؤجلة


قالها وهو يغمره الأسى على عدم استطاعته التعبير عن حبه لها أو الارتباط بها، رغم أنها تقاربه في العمر والمكانة الاجتماعية والمستوى المهنى: «سأظل أحبها سرا يا صديقي، سأظل أرتوى من طيفها حينما أشتاق إليها، فتشرق روحها على موطن القلب، الذي ما نبض وما تمنى يوما إلا أن ينطق، أحبك فقط».


يكمل وهو يرتشف قهوته الأولى ببطء شديد: «نعم سأظل يا صديقي مهما باعدت بينى وبينها الأماكن، وحال بينى وبينها الواقع، أحبها، وسيظل عشقى لها سرا ما حييت، أحادث به السماء فاتلو اسمها مرارا وتكرارا حتى تترطب شفتاى بحروفه، وتبتل بنغمته عروقى، متضرعا إلى الله أن يديمها، وأنا أدرك أنها ليست لي ولن تكون».

أشعل سيجارته الرابعة مع بدايات توتر بدت واضحة على يديه المرتعشة وهو يوقد عود الثقاب الخامس، الذي جاهد متشبثا بنيرانه كى تظل مشتعلة، ثم استطرد: «زاملتها أعواما وأعوام، لم أتطلع يوما إلى مصارحتها أو مجرد التفكير في هذا، خفت يا صديقي أن أفقدها، أن تذهب إلى غير رجعة، أن تنقلب المودة إلى بغضاء، أن أرى منها ذلك الوجه الآلى، الذي لا يدرك إلا العمل فقط في أوقات الاحتياج للحسم».

طلب القهوة الثانية، موصيا عامل المقهى بأن يزيد حفنة البن الأسود القاتم، وأكمل: «تزوجت من ابنة خالتى زواجا تقليديا، وتزوجت هي من أحد أقاربها، كنت أراها في خيالى دائما طاقة نور تشع حينما تحل، فتصفو بها الأوقات، وتصعد معها النفس على درجات من السمو، تتمناها النفس وستظل، ولكن أمنيات مستحيلة».

شردت في اعترافه الذي ظل حبيس صدره، ورحلة عشقه التي دخلت عامها الخامس عشر في طي الكتمان المؤلم.

ناديت عامل المقهى مطالبا إياه بالحساب، وربت على كتف صديقي في مواساة لمعذب بهواه: «لأن تعيش أعواما أخرى مع كتمانك المؤلم، أفضل من اعتراف لايفيد، يعيدك إلى لا شيء، ويا صديقي أدع لها ربك بالخير وكفى، فكل شيء بقدر».

الجريدة الرسمية