رئيس التحرير
عصام كامل

29 صورة ترصد أسرار مقبرة الملك سيتي الأول بوادي الملوك

فيتو

ظل سر مقبرة الملك «سيتي الأول» من أهم الموضوعات التي شغلت علماء الآثار والعامة في كل مكان؛ حيث كان الاعتقاد أن النفق الموجود في المقبرة أسفل حجرة الدفن، ويصل إلى مائة متر، ينتهي بحجرة الدفن الأصلية التي دفن بها فرعون مصر «سيتي الأول».


مقبرة 17 وتعرف عالميا باسم KV17 وتشتهر بعدة أسماء أخرى منها مقبرة بلزوني ومقبرة أبيس وتقع في الوادي الشرقي بوادي الملوك، وتمثل المثوى الأخير لفرعون مصر سيتي الأول ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشر، وكانت واحدة من أجمل المقابر نقشا وتزيينا للجدران، ودون بلزوني ملاحظاته عن المقبرة مؤكدا إنه عند دخولها أول مرة وجد النقوش بحالة ممتازة كما أكد عثوره على بعض الفرش والألوان المستخدمة في النقش على الجدران.

والمقبرة هي الأطول والأعمق بين كل مقابر وادي الملوك حتى الآن، حيث تمتد لمسافة 137 مترا تقريبا وتضم جميع غرفها الإحدى عشر نقوشا بارزة عالية الجودة تصور مشاهد كاملة من النصوص الجنائزية لعل أبرزها النقوش الموجودة على جدران إحدى الحجرات الداخلية بالمقبرة والتي تصور المشاهد الكاملة لمراسم فتح الفم وهي إحدى الطقوس الدينية الضرورية والتي تصور مومياء المتوفى تتناول الطعام مما يدل على أن أعضاء جسد المتوفى تعمل بصورة جيدة وهو أمر شديد الأهمية بالنسبة للعقيدة المصرية القديمة إذ يدل على قدرة المتوفي على البقاء بصحة جيدة في العالم الآخر، كما عثر على ممر طويل يمتد أسفل سفح الجبل من داخل حجرة الدفن حيث عثر على التابوت الخاص بالملك وهو ممر لم يسبق وجود مثله في أي من المقابر المكتشفة من قبل ولم يتم استكشافه بصورة كاملة حتى الآن.

وبعد فترة وجيزة من اكتشاف المقبرة وتحديدا عام 1824، أصدر القنصل العام البريطاني بمصر أوامره بنقل التابوت الملكي إلى إنجلترا وعرضه على المتحف البريطاني والذي رفض الاحتفاظ به مقابل دفع ألفي دولار أمريكي ومن ثم اشتراه السير جون سوان والذي قام بعرضه ضمن مجموعته الخاصة نفس العام، كما تعرضت المقبرة لدمار شديد عندما قام شامبليون باقتلاع رقعة من النقوش الجدارية الموجودة بالممر الهابط بطول 2.26 متر وعرض 1.05 متر وتصور مشهدا معكوسا على الجانبين خلال دراسته للمقبرة فيما بين عامي 1828 و1829، كما انتزعت متعلقات أخرى من المقبرة على يد رفيقه إيبوليتو روسيليني والبعثة الألمانية التي قامت بدراسة المقبرة عام 1845، وتعرض هذه المقتنيات المنتزعة في متحف اللوفر والمتحف الأثري الوطني بفلورنسا والمتحف المصري ببرلين، كما تصدعت العيدي من الجدران وعلت الشقوق البعض الآخر نتيجة عمليات البحث والتنقيب بالمقبرة خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي مما أدى لتغير منسوب الرطوبة بين الصخور وتهديد المقبرة بشكل مباشر.

"من ماعت رع أو سيتي الأول" من ألقابه سيتي مرنبتاح وكان فرعون من الأسرة التاسعة عشر، ابن رمسيس الأول والملكة سات رع. وسيتي الأول هو والد رمسيس الثاني الذي وُلد 1303 قبل الميلاد، وحسب بعض المؤرخين فقد حكم الملك سيتي الأول الفترة من 1294 ق.م. أو 1290 ق.م. حتى عام 1279 أو 1302 قبل الميلاد، سماه الإغريق سـِثوسيس، وأخطأ المؤرخ المصري مانيتو في اعتباره مؤسس الأسرة التاسعة عشر، وسماه سيتي يعني: المتعلق بـ "ست"، والذي يدل على أنه وُهب للإله ست (كما نقول بالعربية: قاهري أو عربي أو إسكندري)، وكمعظم الفراعنة كان لسيتي عددا من الأسماء لدى اعتلائه العرش اتخذ اسم "من معت رع" وتعني: "خالدٌ هو عدل رع"، اسمه الأكثر شيوعا والأصلي كان: "سيتي مري ن پتاح" ويعني: رَجُل ست، محبوب بتاح"، الإغريق سموه سِثوسيس.

قام سيتي الأول بتوطيد السلطة المصرية في فلسطين والشام، وقاوم الحيثيين الذين حكموا آسيا الصغرى بنجاح وعقد معهم معاهدة سلام وعدم الاعتداء عليهم.

معبد القرنة الجنائزي
أقام سيتى الأول العديد من الآثار منها الممنوميوم في أبيدوس وخصص لعبادة عدد من الآلهة كما يوجد بالمعبد قاعة الأجداد بها أسماء الملوك من تأسيس أول الأسرات إلى سيتى الأول (قائمة ملوك مصر (أبيدوس)، ومعبد القرنة الجنائزي في طيبة، وبهو الأعمدة المسقوف بالكرنك، وكان قد بدأ في تشييده قبل ذلك ثم زخرف في عصر سيتى الأول بمناظر طقسية وصور على الحوائط الخارجية تبين انتصارات سيتى على البدو والليبيين والأموريين في قادش والحيثيين.

وأمر سيتى بإقامة مسلة تعرف باسم فلامنيوس ولكنه توفى قبل إتمام نقشها والذي أكمله ابنه رمسيس الثاني وهي الآن موجودة في ميدان الشعب بروما.

مقبرته
عثر على مقبرة سيتى الأول في عام 1817م بواسطة جوفاني باتيستا بلزوني وهي المقبرة رقم 17 في وادي الملوك وهي من أجمل المقابر بوادي الملوك، يبلغ عمق المقبرة نحو 30 مترا ويصل طولها إلى 136 متر، ومقبرة سيتى الأول منحوتة في الصخر وبها رسوم لسيتى وهو يتعبد للآلهة وبها أيضا نقوش للعديد من الكتب منها كتابي البوابات وما يوجد في العالم السفلي.

وجرى العثور على مومياء سيتى الأول عام 1886م في خبيئة في الدير البحري، ويعتقد أن سيتى الأول توفي ولم يتم الأربعين من العمر على عكس رمسيس الأول ورمسيس الثانى اللذان توفيا في أعمار متقدمة وغير معروف سبب وفاة سيتى الأول على الرغم من أن موميائه وجدت مقطوعة الرأس ولكن حدث ذلك بعد الوفاة بفعل لصوص المقابر ويرجح أنه كان يعانى مرضا في القلب، ونقلت المومياء إلى المتحف المصري بالقاهرة أما التابوت فقد نحت من قطعة واحدة من الألبستر وعليه نقوش رائعة وهو موجود بمتحف في لندن.

ومن جانبه قال الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصرية، إن سر مقبرة الملك «سيتي الأول» ظل من أهم الموضوعات التي شغلت علماء الآثار والعامة في كل مكان؛ حيث كان الاعتقاد أن النفق الموجود في المقبرة أسفل حجرة الدفن، ويصل إلى مائة متر، ينتهي بحجرة الدفن الأصلية التي دفن بها فرعون مصر «سيتي الأول»، وهذا الاعتقاد وصل عند البعض لدرجة الإيمان، ومنهم الشيخ على عبد الرسول، وهو آخر سلالة أسرة عبد الرسول الشهيرة في عالم الآثار، التي كانت تعرف أسرار وادي الملوك، ونذكر بأنها الأسرة التي كشفت عن خبيئة المومياوات الملكية بالدير البحري عام 1881، وكذلك كان أحد أفراد الأسرة، وهو الصبي حسين عبد الرسول، سببًا في العثور على مدخل مقبرة «توت عنخ آمون»؛ وهم أيضًا من كشفوا عن خبيئة الكهنة بالدير البحري؛ وكانوا هم من أرشدوا العالِم الفرنسي فيكتور لوريه، عن مكان المومياوات التسع الموجودة في خبيئة داخل مقبرة الملك «أمنحتب الثاني» بوادي الملوك.

وقبل أن نعرف سر المقبرة، تعالوا بنا نقدم لكم هذا الملك العظيم، وهو ابن الملك «رمسيس الأول»، ثاني الملوك المحاربين من الجيش بعد الملك «حورمحب»، وهو والد الملك «رمسيس الثاني»، وقد قضى «سيتي الأول» معظم شبابه ضابطًا في جيش مصر العظيم، وكان مسؤولًا عن حدود مصر الشرقية، وخاصة الحصن المعروف باسم «حصن ثارو»، وقد فطن الملك «حورمحب» إلى ذكاء هذا الشاب، ولذلك أعطاه بعض الوظائف المهمة؛ بل كان قائدًا للفرسان.

ويعتقد البعض بأن الإصلاحات التي قام بها الملك «رمسيس الأول» عندما تقلد الحكم بعد أن ضعفت مصر خلال حكم «إخناتون» ومن تبعه، كان «سيتي الأول» هو نفسه المنفذ الأول لهذه الإصلاحات؛ بل وكان ذراع أبيه الأيمن خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها الحكم. وقد حكم مصر، وسمى السنوات الأولى لحكمه باسم «عصر البعث»، وسار على نهج أبيه «رمسيس الأول».

وعلى جدران معبد الكرنك بالأقصر، صور لنا أنه استطاع إخماد الثورة التي حدثت على الحدود الشرقية للبلاد؛ بل وقرر هذا الملك العظيم أن يعيد لمصر قوتها وانتصاراتها، ولذلك قام بكثير من الهجوم على جنوب فلسطين، واستطاع أن ينتصر على الحيثيين في سوريا ومدينة قادش.

ويعتقد البعض بأن الملك «سيتي الأول» كان يجد المحارب العظيم «تحتمس الثالث» مثالًا يحتذى، وكان يعرف أن مملكة خيتا تثير القلاقل، ولذلك فقد بدأ حروبه معهم، وصور لنا تلك الحروب على معبد الكرنك. وتشهد المنطقة التي تقع شمال مدينة قادش أهم المعارك التي انتصر فيها «سيتي» على الحيثيين، واستطاع أيضًا أن يخضع بلاد النوبة. وأهم ما تركه لنا من آثار هو ذلك البهو العظيم بمعبد الكرنك، بالإضافة إلى معبده الموجود بغرب الأقصر.

ونستطيع أن نرى جمال الفنون وعظمتها في عصره؛ بل إنه أول ملك يظهر لنا المناظر على معبده بحجم كبير، وتبعه بعد ذلك ابنه ملك الملوك «رمسيس الثاني»، وهو أيضًا أول من رسم المعارك التي خاضها على المعابد؛ حيث كنا نرى هذه المناظر ترسم على الصناديق وآثار الملك.

وأهم ما يميز عهده هو إرسال حملات للحصول على الذهب، ولدينا أول خريطة من عهده لمناجم الذهب موجودة بمتحف تورين بإيطاليا، وتظهر لنا لأول مرة الطرق التي توصل إلى هذه المناجم، وتزوج من سيدة تدعى «تويا»، وعثر على مومياء الملك «سيتي الأول» في خبيئة المومياوات، وتعتبر أكثر المومياوات التي عثر عليها حفظًا.
الجريدة الرسمية