ملاحم النصر
أسعدتنى الظروف بزيارة معرض الثقافات العسكرية الثانى عشر الذي نظمته هيئة البحوث العسكرية، تحت عنوان "ذاكرة أكتوبر 2019"، والذي أقيم في بانوراما حرب أكتوبر، بمشاركة كافة قطاعات القوات المسلحة، والعديد من الجامعات والهيئات والمؤسسات الحكومية، والإعلامية والصحفية ودور النشر المصرية والعربية.
سعدت للغاية بكثافة الحضور وإقبال الأسر والشباب والأطفال على معرفة التاريخ المعاصر، بمشاهدة مطبوعات وكتيبات ومعدات وصور وأسلحة استخدمت في صناعة نصر أكتوبر المجيد.
استوقفتنى بعض الأسئلة عن تفاصيل بعض المجسمات المعروضة، واستفدت كثيرا بثراء المعلومات المكتوبة أمام كل منها، وكل تفصيلة حتى عن الطعام الذي كان يتناوله الجنود إبان فترة الحرب، أجهزة الغوص، اللاسلكى، أجهزة التنفس، القوارب المطاطية، المدافع والآليات المستخدمة في العبور.
كل ما لم تره الأجيال القريبة سوى في الدراما، لمسوه مجسما أمام أعينهم، معدات تفوح منها رائحة الذكريات، عبق التاريخ يغلف المكان، كيف صنع هؤلاء نصرا مبينا، وكيف توارثت الأجيال على مدار ٤٦ عاما تاريخا خالدا.
استفسرت عن استخدامات بعض الآليات في ٧٣، ووجدت إجابات شافية واضحة مستفيضة، وترحابا شديدا بزوار المعرض وأسئلتهم من مسئولى أجنحة المعرض.
وجدت أطفالا يسألون، يلتقطون صورا تذكارية مع مجسمات المعدات، ومع الضباط والجنود المسئولين عن المعرض، أسر كاملة أتت للزيارة والتجول والاستفادة من المحاضرة التثقيفية، ثم انتقلت في اصطفاف منتظم لزيارة بانوراما حرب أكتوبر التاريخية.
شاهدت بهجة قلما أجدها في احتفاليات وطنية، رأيت أجيالا يغرس بها قيمة الوطن بأقل جهد، وبراعم صغيرة تسقى بمعان سامية، بشكل أحسن وأفضل من كافة الدراسات النظرية.
خلال دراستى الجامعية كان هناك فصل تدريبي تم إلحاقى به أنا وزملائي خلال السنة الأولى ألا وهو مادة التربية العسكرية، ورغم قصر مدتها التي لم تتجاوز الأسبوعين، فقد تعلمنا منها انضباطا أفادنا كثيرا في حياتنا العملية فيما بعد، استيقاظ مبكر، تدريبات محاكية للحياة العسكرية، محاضرات تعليمية وتثقيفية عسكرية، وبعدها تغيرت الرؤية الشبابية المستهترة إلى السير في طريق الجدية.
أذكر بالإشادة فيلم "الممر"، وكيف نجح في لم شمل الأسرة مرة أخرى حول الشاشات الكبيرة والصغيرة في فن سينمائي راقٍ بعيدا عن الإسفاف والابتذال، مشوق للشباب، في تفاعل غير مسبوق مع أسرار ملاحم النصر، وكواليس معارك دامية، في أيام سطرت بأحرف من نور في تاريخ هذا الوطن.
ولهذا أضم صوتى إلى صوت المنادين بتدريس مادة التربية العسكرية، في المدارس أيضا إضافة إلى الجامعات كما كان يتم في بعض المدارس الثانوية العسكرية قديما، وأن تكون مادة إلزامية، يستقي منها الطلاب المعلومة من خلال حصص نظرية وتدريبات عملية على غرار حصص التربية الرياضية..
ويحدد محتوى تلك المواد خبراء مختصون بالتضافر مع وزارة التربية والتعليم بما يلائم كل مرحلة دراسية وكل فئة عمرية، يكون قوامها الأساسي غرس الانتماء الوطنى في وجدان الشباب، وتصحيح المعلومات المغلوطة لدى بعضهم نتيجة التأثير الواقع عليهم من وسائل التواصل الاجتماعى، وتعليمهم الانضباط، وزيادة التعريف والتثقيف بتاريخ حافل مليء بالبطولات.