رئيس التحرير
عصام كامل

أطروحات إيرانية



السيد "محمد جواد ظريف" وزير الخارجية الإيرانى واحد من الوزراء الذين لديهم قدرات كبيرة على مستوى التجربة، وعلى المستوي الثقافى والدبلوماسي، وهو قبل هذا وذاك يحمل رؤية واضحة لمشكلات المنطقة، يقدم الجديد ولا يقف عند حالة الجمود التي تصيب البعض، هو باختصار معمل أفكار متجدد، أقول ذلك وأنا على يقين أن لإيران مصالح قد يصفها البعض بالأطماع الإيرانية في المنطقة، وبذات المنطق فإن لكل دولة مصالحها التي يجب أن تدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة.

منذ ساعتين تقريبا نشرت صحيفة الراى الكويتية مقالا مهما للسيد "جواد ظريف"، طرح فيه ما يراه حلا لمشكلات المنطقة، وأتصور أن أهم ما فيه تطرقه إلى ما أسماه فقر الحوار الإقليمي، وعليه فقد قدم رؤية حول "مجمع الحوار الإقليمي" الذي من شأنه صناعة الثقة بين الأطراف المتصارعة، طارحا القواعد المشتركة بين شعوب المنطقة من عادات وتقاليد وتراث ثقافى قد يكون متوحدا ومشتركا، ومحذرا من الفتنة، داعيا إلى الحوار بين المذاهب، ذلك الحوار الذي يتمتع بتاريخ تليد بين المذاهب قادته شخصيات مهمة من الأزهر الشريف قديما، مع قادة من المذهب الشيعى، ووصلوا فيه إلى مناطق مشتركة أقيمت على صحيح الدين.

القضية الثانية التي طرحها "جواد ظريف" هي قضية السلام، مثمنا الثقة والحوار في بناء السلام ، مستبعدا تماما أن يتحقق السلام بعقد صفقات السلاح وتخزينه، أو عقد اتفاقيات مع دول أجنبية، يرى "ظريف" أن التدخل الأمريكي في المنطقة هو من أشعلها نارا لخدمة أهداف الصهونية العالمية، قائلا: السلاح لا يصنع سلاما.. طارحا على الطاولة ما أطلق عليه معاهدة عدم الاعتداء.

ومعاهدة عدم الاعتداء في مفهوم "ظريف" تبدأ بحوار بين دول المنطقة بموجبها تتساوي المهام في الدفاع عن استقرار حوض هرمز، ولا يتأتى ذلك دون حوار بين مؤسسات المجتمع المدنى في دول الحوض والمؤسسات البحثية والفكرية، وعقد اللقاءات الثقافية بين المفكرين والسياسيين رسميين، أو منتمين إلى مؤسسات مدنية، إضافة إلى خلق حوار بين القطاع الخاص داخل دول الحوض، لخلق حالة من الثقة والمصالح والمسئوليات المشتركة.

وأظن أن دولا استطاعت أن تقفز فوق الآثار التاريخية والواقعية لمسيرة الدم والاحتلال، الذي لا يزال جاثما فوق صدر فلسطين، عليها أن تفكر جديا في حوار مع الجار الإيراني، الذي لا يمكن تصور نفيه أو إقصائه أو تهميشه.. فقط يمكن ترويضه إن كان في مفهوم البعض شاردا، دول أقامت علاقات مع الكيان المحتل الذي لايزال يسيطر على الأرض، ويقتل الأطفال ويدنس المقدسات،  كيف لا تفكر جديا في حوار عربى إيرانى يستهدف منح السلام فرصة ليحل محل الحرب والدمار والقتل والتخريب؟!!
الجريدة الرسمية