إفطار إيرانى
في حديقة منزله بمصر الجديد اجتمع عدد كبير من المصريين على مائدة إفطار بدعوة من رئيس قسم رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السفير "ناصر كنعاني"، وقد لفت انتباهى إلى إقامة دعوة الإفطار تحت شعار "يوم القدس".. داخل حديقة فسيحة تتراص موائد بيضاء وحولها أعداد من مصريين وبعض الإيرانيين بمصر في حديث حول رفع درجة حرارة الصراع الأمريكي الإيراني هذه الأيام.
كانت الأناشيد الحماسية حول القدس والفدائيين والمقاومين والأبطال والوعد بالعودة واستعادة الأرض والعرض وفي القلب منها القدس، تنساب من سماعات تنتشر بحديقة الفيلا تعيدك إلى ستينيات وسبعينيات بل وحتى ثمانينيات القرن الماضى، عندما كان في الأمة نبض حياة.. حتى سنوات قليلة ماضية كانت شوارع العواصم العربية تشتعل نارا في مثل هذا اليوم، وكانت صور القدس على الأعناق وعلى الجدران وقبل هذا وذاك كانت قضية حارة تسيطر على الأفئدة.. ماذا جرى؟
في الوقت الذي يتلقى فيه رئيس وزراء الكيان المحتل خريطة جديدة موقعة بيد الرئيس الأمريكي المعتوه "دونالد ترامب" وقد أصبحت الجولان فيها جزءا من الكيان المحتل.. في هذا الوقت لم تعقد قمة عربية طارئة، ولم يصدر تصريح من عاصمة عربية، ولم تخرج مظاهرة واحدة في حارة عربية شمالا أو جنوبا شرقا أو غربا.. القمة التي عقدت هي لتوجيه رسالة إلى العالم تكشف خطر إيران على المنطقة.. أي والله!!
الكيان الصهيوني أصبح بين يوم وليلة قبلة تطوف حولها عواصمنا الرسمية.. الكل يتسابق من أجل الرضا الصهيونى.. الكل ينساق للاستسلام مضحيا بفلسطين والقدس والأرض والتاريخ والعرض.. سباق محموم للحصول على شرعية الرضا الصهيوني والمطلوب من الجماهير أن تهتف لتحية الصديق، اللص، القاتل، المحتل، المغتصب، ومطلوب منا أن نبارك الدين الجديد بعد انهيار الدين القديم.. نبارك دين الطائفية القادم من نفس المصدر الذي فخخ أمتنا وديننا لخدمة حلفائه الغربيين كما اعترف كبيرهم.
حشد الناس للتصديق بأن الكيان المحتل صديق حميم وأن إيران هي الخطر الأكبر، وأن الحرب الضروس القادمة هي فتنة لن تنتهي أبدا.. فتنة لا يطفئ نارها إلا عودة العقل واستعادة الكرامة وبناء خليج اقوى بإيران، لأن "خليج بدون إيران" سيكون أشد قسوة من الصورة الرهيبة الآن "خليج بلا عراق".. الذين تخلصوا من العراق لم يتصوروا أبدا ما هم عليه الآن.. خليج بحرب جديدة يعنى السقوط إلى الأبد.