بشير حسن.. المٌعلم!!
بشير حسن.. طاقة صحفية معجونة بطين مصر الأسمر، واحد من الرموز في جيله، استطاع أن يهب ذاته سحرا أخاذا عندما يكتب، عباراته طلقات ناعمة تعبر القلوب وتسكن الأفئدة، مواطن بسيط من عائلة بسيطة تنتمى إلى أديم الأرض التي نشأ عليها في قلب الريف الشرقاوى، واحد من أبطال "شيء من الخوف".. يتسم بوجه يحمل الأمل من قلب الألم الساكن في كل وجوه "الأرض".. رسمت ملامحه أيام جهاد "صعيبة" صاغ نفسه من قمم النخيل وجذور شجر التوت.
لا أقول في بشير حسن الكاتب الصحفي الغيور على بلاده إلا ماعرفته طوال عشرين عاما هي عمر علاقتنا.. عرفته صحفيا شابا "شقيا" يلهث وراء الخبر، وأدركته محققا نادرا في صغريات التجارب وكبريات الصحف، وأدمنته رئيسا لتحرير أشهر البرامج وأكثرها تأثيرا.. مناضلا واقعيا لا يرسم من الخيال أقاصيص للتسلية.. كان ولايزال واحدا ممن يكتبون بمداد الصدق فيما يعتقد.. مدافعا عن الحق حتى لو سار القطيع عكس اتجاهه.
بشير حسن الذي رسم الزمان على لوحة وجهه تجاعيد تنطق بحماسة لا تناسب سنه، لا تمتلك إلا أن تتمني أن تصبح مثله، وهو يحادثك عن مستقبل يتمناه لأولاده، وأولاد بشير حسن كثيرون غير بناته من صلبه، فلبشير تلاميذ كانوا حتى وقت قريب في المهد يتعلمون الهجاء، ويتدارسون الأبجدية في "كٌتابه" وهو لا يضن ولا يبخل حتى صاروا أسماء لامعة يحملون على أكتافهم رسالة انتهلوا منابعها من "تعاليم" الأستاذ بشير.
وهو قبل هذا وذاك مصنع للأفكار المتجددة، يفكر بالعكس، ويهوى السباحة عكس التيار، وهو في أطروحاته يحمل نفس الحماس، تعلمت منه أن غرس الفسيلة يوم تقوم الساعة تحدٍ لا يستطيعه اليائسون وقد نهينا عن اليأس.. ففي الوقت الذي يستسلم فيه البعض لمجريات أحداث جارفة، يقف بشير حسن كالطود الشامخ في المواجهة ممسكا بالأمل كالقابض على جمر لا يرحم.. وهو كان ولا يزال هكذا، لا يكره ولا يعرف للكراهية طريقا، فهو محب للجميع حتى المختلفين معه، ناشبا أظافره فيمن يريد لهذا البلد هزيمة أو انكسارا.
تعلمت ومازلت أتعلم منه كواحد من جيلى قادر على منحنا قدرا من الحكمة والحماسة والفطرة الريفية التي لا تجري وراء كل ما يلمع، فليس كل ما يلمع بالضرورة ذهبا!!