رئيس التحرير
عصام كامل

التحويل بين المدارس.. رحلة عذاب لأولياء الأمور

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الشكوى من مصاعب إجراءات التحويل بين المدارس لا تنتهي، فالإدارات التعليمية والمديرية تتكدس في تلك الأيام من كل عام بالراغبين في تحويل أبنائهم من مدرسة إلى أخرى.


ولا يتوقف الأمر عند المحليات؛ ولكن يمتد إلى ديوان عام وزارة التربية والتعليم، فيتلقى مكتب وزير التعليم ومكاتب المسئولين الآخرين بديوان عام الوزارة آلاف الطلبات التي يأمل مقدموها أن تتم الموافقة عليها، وأن يحققوا في النهاية مبتغاهم.

وحجم المشكلات التي تواجه ولي الأمر عند التحويل من مدرسة إلى أخرى، جعل تلك المسألة أشبه برحلة عذاب لأولياء الأمور والطلاب ومنهم من يتمكن بطريقة أو بأخرى من إنهاء رحلته بنجاح، ومنهم من يفشل ويلجأ إلى الشكوى وإعلان تذمره من المنظومة التي تعاني من ثقوب إدارية خطيرة بات " ترقيعها" لا يجدي، وأصبحت في مرحلة حرجة تتطلب جراحة دقيقة وسريعة لإنقاذها من الانهيار الكامل.

نظم تعليمية مختلفة
واحدة من أكبر العقبات التي قد تواجه ولي الأمر عند تحويل أبنائه من مدرسة إلى أخرى، هي حالة الازدواجية التي يعاني منها التعليم المصري، والمتمثلة في تعدد أنظمة التعليم سواء الخاص أو الحكومي، ففي التعليم الخاص هناك نظام التعليم العربي (مدارس خاصة تدرس مناهج وزارة التربية والتعليم المصرية باللغة العربية) ونظام التدريس باللغات (مدارس خاصة تدرس مناهج وزارة التربية والتعليم المصرية بإحدى اللغتين الإنجليزية أو الفرنسية) بجانب نظم التعليم الدولي وأبرزها في مصر مدارس الدبلومة الأمريكية (تدرس مناهج أمريكية وتمنح شهاداتها عن طريق إحدى الجهات المانحة العاملة في مصر) مدارس الـ I.G ( تدرس نظام التعليم الإنجليزي) ومدارس أخرى تدرس نظام التعليم الألماني، ورابعة تدرس نظام التعليم الفرنسي أو الكندي، وغير ذلك من أنظمة التعليم الدولية المعمول بها في مصر.

خبير تربوي: ازدواجية التعليم في مصر لا مثيل لها

تلك الازدواجية تتحول إلى عقبة يجب حلها إلى ما يشبه المعجزة، عندما يرغب ولي الأمر في تحويل ابنه/ ابنته من نظام تعليمي إلى آخر، وتكثر الطلبات التي يزكيها نواب في البرلمان من أجل الموافقة على التحويل، والكلمة العليا في ذلك تكون للمدرسة الخاصة أو الدولية المطلوب التحويل إليها، وفي المقابل تستقبل كل مدرسة طلبات التحويل منها بحالة من البهجة لإفساح المجال للقابعين في قوائم الانتظار من أجل تسجيل بعضهم ضمن صفوف تلاميذ تلك المدرسة.

سماسرة التحويلات
أزمة التحويلات المتكررة في كل عام أنتجت فئة دخيلة على العملية التعليمية يطلق عليهم "سماسرة التحويلات" الذين يعملون على حاجة ولي الأمر ويستغلون علاقاتهم ببعض الموظفين في الإدارات التعليمية وبخاصة في قسمي شئون الطلاب والتعليم الخاص، أو علاقاتهم ببعض المسئولين في المديريات أو الوزارة لتمرير بعض الطلبات التي يحصل سماسرة التحويلات على مقابل مالي نظير إنجازها من ولي الأمر يتراوح بين 2000 إلى 15000 ألف جنيه بحسب نوعية المدرسة المراد التحويل إليها، ومدى صعوبة تنفيذ الطلب، فكلما كانت هناك عقبات تواجه ولي الأمر كان السعر الذي يتم المساومة عليه مرتفعا.

بدء موسم سماسرة التحويلات بين المدارس

التجريبيات وتأشيرة فوق الكثافة
السبب الرئيسي في أزمة التحويل بين المدارس وتحولها برحلة عذاب لولي الأمر هو ارتفاع الكثافة الطلابية في المدارس وبخاصة المدارس التجريبية؛ بسبب زيادة أعداد الطلاب قياسًا بالأماكن المتاحة في قاعة الدرس وبخاصة في مرحلة رياض الأطفال داخل المدارس التجريبية التي تعتبر أزمة الأزمات في كل عام، ورغم رفع الكثافات في التجريبيات بصورة كبيرة إلا أن الطلب عليها يتزايد من أولياء الأمور الراغبين في البحث عن فرصة تعليم جيدة لأبنائهم تضاهي التعليم الخاص (لغات) ولكن بمقابل مادي يتناسب مع دخولهم وهو ما توفره لهم المدارس التجريبية.

التعليم في مصر ضد المواطنة ويشوه الهوية

ويتيح القانون لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني أن يمنح الموافقة لقبول طلاب فوق الكثافة، إلا أن التساهل في تأشيرات "فوق الكثافة" التي كان يتم منحها لحالات لها اشتراطات وظروف قهرية، حولها إلى "موضة تعليمية" هذا العام وكانت انتشرت بكثرة العام الماضي؛ بسبب محاولات الوزارة إرضاء نواب البرلمان الذين يسعون إلى تقديم ما يحقق رغبات ناخبيهم في دوائرهم الانتخابية، فكانت النتيجة صدور آلاف التأشيرات بالموافقة على قبول تلاميذ فوق الكثافة في العديد من المدارس التجريبية، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمة تلك المدارس ولم يقدم لها حلولًا.
الجريدة الرسمية