طفل مكسور داخل لعبة سليمة
في ظل العالم يوجد ثقب كبير يؤدي إلى مدينة ملاهٍ معطلة، تضم كل يوم لعبة أو دمية تركها طفل أو انتزعت منه عنوة قبل أن يخبرها سره الصغير كحبة قمح، الكبير كجبل.
يلف الظلام هذه المدينة التي لا يمكن للنور أن يبصرها، بينما صراخ الدمى واللُعب لا ينقطع، وهي دمى ولعب سليمة تماما كالجديدة، رغم أن كل واحدة منها أهديت في يوم إلى طفل كان يحتفل بعيد ميلاده، وسط هؤلاء الذين لم يستمعوا إلى صوته أبدًا.
لا، ليس الأمر متعلق بكون صوت الطفل مبحوح، فالآباء الذين لا يمكنهم الإصغاء لصمت أطفالهم، لا يمكنهم سماعه حتى وهو يصرخ.. ليس على الآباء أن يستمعوا إلى صغارهم بالآذان كما يفعل باقي البشر، بل عليهم أن يستخدموا قلوبهم لإنجاز هذه المهمة.
دون قصد مني انزلقت قدمي ذات مساء إلى داخل الثقب الكبير إلى حدثتكم عنه، وسقطت لأعوام وأعوام حتى وصلت إلى مدينة الملاهي الحبلى بالأصوات المكتومة، ورغم الظلام كان بمقدوري أن أرى الدمى وهي تصرخ دون أن تتحرك عضلة واحدة في وجه أي منها.
اقتربت من إحدى هذه الدمى، وأدرت شريط ذكرياتي، فرأيت أمامي دميتي التي حصلت عليها في يوم ميلادي قبل مائة عام من اليوم، هذه الدمية التي أمسك بها الآن تشبهها تماما، بل ربما تكون هي ذاتها، فأثر الجرح الذي أصبت أنا به في ذاك اليوم ما زال باقيا على وجه الدمية..
لا عجب في الأمر، فأنا ودميتي الطفل نفسه، الذي بكى دون أن تسقط منه دمعة ودونما صوت.
اليوم فقط سأتمكن من تحطيم دميتي السليمة التي لم يسمح لي قبل مائة عام كاملة أن أفككها لاستكشف ما بداخلها، وها أنا أفعل ذلك، فشاهدوا معي ما تحمله هي من تفاصيل خفية..
هل ترون ما أراه أنا؟!
داخل اللعبة وجدتني طفلا يجلس ورأسه بين ركبتيه، بينما جسده غارقا في كل الدموع التي لم تذرفها عينه طيلة عمره، وحين وضعت يدي على رأسي وجدتني أتشظى لألف ألف قطعة صغيرة..
كانت القطع تتناثر من رأسي كزخات الثلج المتساقطة فوق مدينة باردة في ليلة عيد الميلاد، والتي راحت طفلة جميلة تجمعها لتصنع منها مجسم لرجل ثلج بأنف مدور وعيون بارزة، ثم أهدته لصديقها الذي همس بحفنة من الأمنيات في أذن رجل ثلج، فتحولت الطفلة وصديقها الصغير إلى فراشات ملونة تصعد إلى السماء بحثا عن الشمس..
أما أنا فحين فتحت عيني، وجدت بالقرب مني رأس الدمية التي حطمتها قبل قليل، والتي فتحت عينيها وصرخت في: «داخل كل لعبة سليمة طفل مكسور».