رئيس التحرير
عصام كامل

الاستثمار في الإرهاب!!


في مربع قد يبدو للجاهلين بالأمر أنه صغير.. هذا المربع يتسع ويضيق ويضيق ويتسع.. هذا المربع ينال عناية أجهزة مخابرات دول كبرى وأخرى صغرى.. يحظى بتمويل قد يوازى تمويل الجيوش.. ينعم بتقنيات أنتجتها معامل دول متقدمة ووجدت طريقها إلى البقعة الطاهرة منذ أواخر أيام مبارك.. عن جبل الحلال وأرض سيناء نحدثكم.. نحدثكم بعد محاولات تسريب تسجيل صوتي مزيف لأصوات أبطال يقاتلون هناك وشعارهم النصر أو الشهادة.

أقول ذلك لأن بعضا من جنود الشيطان لا تزال تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى لتثبيط الهمم وتصوير الأمر على أن أبناءنا لا يحظون بالكفاية من السلاح والعتاد في جهادهم الشريف نيابة عن الإنسانية في سيناء المباركة.. الحرب على الإرهاب ليس جيشا ضد جيش.. ذئاب تتحرك مستفيدة من غطاء بشرى بريء وسكان يقيمون في دورهم وحياة مكتملة لعائلات وبيوت وجماهير.

الحرب على الإرهاب تمتد لسنوات لأن المقاتل فيه ليس الجندى وحده.. الشعب بكل فئاته وطوائفه مقاتلون بالفكرة وبالعزيمة وبالمدد.. المدرس مقاتل في فصله والمحاضر مقاتل في مدرجه وإمام المسجد مقاتل على منبره والأزهر مقاتل والكنيسة مقاتلة.. الصحفى يواجه بقلمه أفكارا تعشش في عقول عفنة والإعلامي يقف على منصة إطلاق الحق في مواجهة الباطل.. الحرب على الإرهاب ليست بندقية في مواجهة خيانة.. الأمر أكبر من ذلك بكثير.

قد لا يتصور البعض حجم ما أنفقته دول كبرى لتربية وتنشئة هذه الأجيال المفخخة ولا يتخيل بعضنا عدد السنوات التي نثرت فيها بذور الأفكار الشريرة لخلق مناطق صراع على أرض المحروسة.. وربما لم يفكر البعض في دولة وحيدة لم يقترب منها الإرهاب ولم تطولها نيران التطرف ولم تلق على حدودها حتى ولو قنبلة مولوتوف.. إنها الكيان السرطانى الاستعمارى المسمى إسرائيل.

أمريكا التي تنطلق من وسائل إعلامها أكبر معارك الوهم في مواجهة الإرهاب تعد الأب الشرعى لتربية هؤلاء.. لندن التي تتحدث عن حقوق الإنسان ظلت لسنوات طويلة هي معقل وملاذ الشخصيات الإرهابية الكبرى.. إنها الحرب الأكبر في تاريخ البشرية.. إنهاك الدول وزرع الفتن ونقل الإرهابيين عبر ملاذات آمنة إلى الأرض المستهدفة.. الحرب ليست في جبل الحلال الوعر وليست في سيناء الطاهرة وحدها.. مصانع الفكرة ومصادر تمويلها هناك في عواصم تعرف المعنى الحقيقي للاستثمار في الإرهاب.

جيشنا في سيناء يقاتل جيوشا وأجهزة معلومات ومؤسسات مالية عالمية، وتقنيات تنتج خصيصا لتحديد الأهداف وتوجيه الأشرار ودعم حربهم ضد الأمن وضد الاستقرار وضد كل محاولات النيل من هذا الشبح، لنبقى هكذا ننعم بلحظة بناء، ونستغرق أنفسنا في ساعات من الجدل حول قدراتنا على المواجهة.

تقول حقائق التاريخ إن مصر عصية على النيل منها ومن أرضها، وحقائق التاريخ تقول أيضا إن نار الإرهاب لا يمكن القضاء عليها بين يوم وليلة.. ثقوا في أبنائنا، وثقوا في قدراتنا، ولا تتداولوا ما يطرحه عليكم عدو يخطط ويدبر ويتآمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر مواقع تمارس المراهقة الصحفية لهثا وراء انفرادات ليست إلا طعنات في قلب الوطن.
الجريدة الرسمية