الانتماء المفقود في القلعة الحمراء
خرج الأهلي خروجا مذلا من بطولة ظل هو رائدها وبطلها والقادر على تحقيقها لسنوات، خرج الأهلي لأنه لم يعد هو الأهلي الذي نعرفه، أهلي اليوم مجموعة من المرتزقة يلعب الواحد فيهم لمن يدفع أكثر، ليس من بين اللاعبين من يؤمن بدستور الأهلي، أهلي الفانلة اختفى في ظروف غامضة، بعد أن ظن من يديرونه أن "شرا العبد ولا تربيته" مع الفارق، روح الفانلة الحمراء لم تظهر منذ فترة طويلة وإن لم نرجع إليها فلن يعود الأهلي.
صفقات مشبوهة ضمت إلى النادي العريق عددا من البؤساء الذين لا يصلحون لصنع بطولة، لا يعرف الواحد فيهم أن مجرد وجوده في هذا النادي بمثابة هوية وطنية صنعت لبلادنا تاريخا عريقا من البطولات على مدار قرن كامل، أصبح بموجبه نادي القرن، شرف الانضمام إلى الأهلي لم يعد أيقونة لهؤلاء، المال أيقونتهم الوحيدة، مع إيماننا بأن عنصر المال مهم للجميع، غير أنه كان دوما في المرتبة الثانية لمن يشرف بارتداء الفانلة الحمراء.
إذا أردنا العودة فإن روح الفانلة هي الدستور الضامن للعودة، والمال في المرتبة الثانية أو الثالثة أو الخامسة، الأهلي الذي كان يفاجئ الجماهير كل حقبة زمنية بولادة جيل جديد من حياكة مدرستة، وصناعة معمله، أصبح مجرد تاجر يملك مالا وفيرا يكتنز به كل ما تقع عليه عينه دون عناء الصناعة، أو الاهتمام بخلق أجيالا "أهلاوية" تعرف دهاليز النادي وتاريخه العريق، تتحرك وفق مصلحته، وترفع أهداف النادي فوق الأهداف الدنيا التي تمكنت من الأجيال الجديدة.
أمام "الخطيب" مهمة ثقيلة ليزرع براعم بدل الأشجار التي شاخت، براعم الانتماء إلى القلعة الحمراء، القضية ليست في المدرب، وليست في حجم ما دفعناه في اللاعبين، القضية معنوية مهما قيل عن الاستثمار الجديد، وصناعة كرة القدم، لو كانت المسألة مسألة أموال وتكالب وشراء وبيع، فلماذا نجحت فرق فقيرة في تقديم نموذج مشرف على مدار سنوات قليلة، عودة الروح أصعب بكثير من صفقات الشراء والاحتكار والاستحواذ على كل موهبة ترى النور.
الأهلي بلاعبين أقل من الموجودين صنع تاريخا مشرفا، وبهؤلاء الذين جمعهم من كل حدب وصوب، لن نرى إلا مرتزقة تحركهم الدولارات مثل الجيوش الوطنية وجيوش المرتزقة، عودة الانتماء أهم بكثير من الاستحواذ على بضاعة، مهما ارتفع سعرها فهي رخيصة.