التزويغ الحلال
"كامل الوزير" وزير النقل بدأ الإصلاح من الهوامش، وغاص في التفاصيل المملة دون الدخول إلى المهمة الأساسية التي كلفه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أمر تكليف على الهواء مباشرة، الوزير مشغول بظاهرتى التسطيح والتزويغ، وكأنه يحدثنا عن قشرة الجير البيضاء المهملة على بناية آيلة للسقوط، يشغل نفسه بجولات سينمائية لا طائل من ورائها، فالداء معروف والدواء موصوف، فلما الهرب إلى توافه الأمور.
السادة المزوغون وزملاؤهم المسطحون يقعون في ثلاث دوائر لا رابع لها، فبعضهم يرى أنه يأخذ حقه من الحكومة، وهى رؤية مريضة، والفريق الثانى ليس معه حق التذكرة، وبالتالى فإن شعارهم "وإيش ياخد الريح من البلاط"، أما الفريق الثالث فإنه يرى أن مجرد اتخاذه قرارا باستخدام السكة الحديد هو منة منه وفضل، يجب على الحكومة أن تشكره، فهو بقراره إنما يضحى بنفسه ركوبا للخطر، فكيف يدفع المرء ثمن مغامرة تشجيع حكومة تقتل الناس عمدا مع سبق الإصرار والترصد.
القضية الأساسية المكلف بها الوزير "كامل" هي بناء سكة حديد جديدة، تليق بتاريخنا في هذا المجال، أما استيراد عربات وقطارات ونحن ليس لدينا في الأساس "سكة" هو نوع من "الزيس" المتعارف عليه، أو الذي كان متعارفا عليه في مبنى ماسبيرو، عندما كان لدينا تليفزيون يدفع فيه الضيف حق ظهوره على الشاشة، استيراد القطارات بمثابة من يسعى لامتلاك عدة تليفون في بلد ليس فيها تليفونات، مجرد وسطاء وشركات أجنبية "تلهف" المعلوم، والمشكلة كما هي محلك سر.
أقول للسيد الوزير:
ركز فيما كلفك به الرئيس، وابحث عن جذور المشكلة، وأنت أهل لها، وهى فرصتك الذهبية لنقل مصر إلى مساحة من التطور والتقدم ستحسب لك، علما بأن ذلك لن يتم في عام أو عامين، الأمر أصعب من ذلك بكثير، الأهم أن تنسى تلك التفاصيل، لأننا باحتصار ليس لدينا سكة حديد، وأنت في مهمة بنائها من جديد.