رئيس التحرير
عصام كامل

الدستور الذي كان


لظرف عائلى طارئ لم أحظ بحضور جلسة الحوار المجتمعى في البرلمان لمناقشة التعديلات الدستورية، رغم أني ذاكرت كثيرا، وقرأت باهتمام كل شاردة وواردة جاءت في الجلسات السابقة، والتي شارك فيها عدد كبير من الساسة وقادة الرأي، والمثقفين وأساتذة الجامعات، وقادة الأحزاب، وشخصيات عامة، أدلوا بدلوهم فيما وضع أمامهم من تعديلات، وقالوا قولتهم في قاعة محدودة داخل مجلس النواب أو بالتحديد في قاعة الشورى.


كنت أتمني أن تطرح تلك التعديلات في ندوات حزبية موسعة، وأن تحظى أيضا بنقاشات ومؤتمرات جامعية متاحة للجميع، كنت أتمنى أن تطرح للحوار في الحوارى والأزقة والشوارع، فالأمر لا يرتبط بفئة دون أخرى.. إنه المستقبل الذي نسعى إليه والأمل في غد أفضل مما نحن عليه.

كانت لدي تساؤلات حول الحالة الملحة التي دفعت عددا من نواب البرلمان للمطالبة بالتعديلات، خاصة وأن الدستور الحالى صيغ في ظرف أصعب بكثير مما نحن عليه الآن، بمعنى أن الظرف الذي أخرج هذا الدستور للحياة كان أصعب مما نمر به الآن، ومع ذلك فإن هذا الظرف الصعب لم يمنع المجتمع من صياغة دستور محترم، يحافظ على الفصل بين السلطات، ويسعى إلى بناء دولة مدنية حديثة.. ماذا جرى من ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية لنعيد النظر في مواد الدستور؟

الأمر الثاني هو التخوف الذي أبداه عدد كبير ممن شاركوا في الحوار، وهو مبدأ الفصل بين السلطات، وما رآه البعض من تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية في التعديلات الجديدة، وهو تخوف مشروع، لأن صياغته في الدستور الحالى بنيت على تصورات ومفاهيم ومعايير أصبحت من ثوابت الدساتير في دول العالم، وقد ثبت تاريخيا أن استقلال القضاء هو الوعاء الحامى للأنظمة وللشعوب.

ولأن الأمانى لا تزال في حدود الإمكان، فإن الحلم بضرورة الإبقاء على هذا المبدأ، مع توفير أكبر حماية واستقلال للقضاء لا يزال في حيز الإمكان، ونتمنى عدم الجور على ملاذنا وملاذ النظام في الإبقاء عليها كما كانت، وتوضيح الأمر للرأي العام فيما يخص الظروف المستجدة التي دفعت نواب الشعب إلى طرح الدستور للتعديل، حتى ننجح في تجبيه الجماهير للمشاركة في الاستفتاء سواء رفضا أو قبولا.
الجريدة الرسمية