الأستاذ «مكرم».. أضحى اثنين!!
أعرف الأستاذ منذ أن كنت صحفيا صغيرا ينام مع زملائه على أرضية الدور الأول بنقابة الصحفيين في اعتصامات متتالية ضد الظلم الواقع على الكلمة.. أعرفه جيدا وهو نقيب ونحن نعتصم ضده أو ضد قرارات صادرة ممن عبثوا بحرية الكلمة أيام مبارك، وأعرفه «عز» المعرفة وهو يناقشنا ويحاججنا ويأخذ منا ويعطي لنا دروسا في التفاوض مع الدولة ومع أولي الأمر، وأعرفه كما أعرف نفسي وهو يخاطب الرئيس مدافعا عن "عادل حسين" الحبيس بعد عودته من رحلة إلى السودان.
أعرف "مكرم محمد أحمد" عندما خرج شاهرًا قلمه في مواجهة قنابل الإرهابيين الذين أرادوا تقويض الدولة وفرض سطوتهم على المجتمع في الزاوية الحمراء وفي أسيوط وفي الفيوم.. أعرفه وهو في مواجهة رصاص غدرهم الذي أراد اغتياله وهو مدجج بقلم وورقة.. أعرفه وهو «يمسح» بكرامة صحفي عربي تطاول على مصر ونحن ضيوف في عاصمة عربية ولم يستطع الوزراء الحاضرون منعه قبل أن يفرض عليه اعتذارا لبلد دفع الدم من أجل أمته.
أعرف هذا الرجل وهو عنوان للتسامح مع من حاولوا قتله لينفرد وحده بمحاورتهم داخل السجون وينقل للمجتمع أفكارهم دون تزوير أو تزييف.. أعرفه وهو ينقل للناس أباطيل المرجفين ويناقشها ويفضحها أمام الرأي العام دون أن يستخدم كلمة واحدة تهين الآخر أو تسيء إليه.. أعرفه وهو في تاريخنا واحد من رموز الكلمة والزهد والشرف والأمانة.. أعرفه أبا عطوفا على شباب الصحفيين، فارسا مقداما في مواجهة الباطل، قاسيا في معاركه من أجل الحرية.. هذا هو "مكرم محمد أحمد" الذي أعرفه وتعرفه الأجيال المتعارضة ضده قبل المتعاطفة معه.
كان الرجل طوال تاريخه مؤمنا بأن إغلاق صحيفة عمل كارثي، وكان يرى أن نقابة الصحفيين هي ضابطة الإيقاع والالتفاف على دورها عمل مشين ولا يصب في صالح الوطن، وكان يرى أن حرية الصحافة هي حرية الوطن، وأن فتح النوافذ هو الحل الحقيقي لمشكلات مصر، ولم يكن يرى في الجماعة الصحفية أنهم قوم مجرمون يجب أن تسلط عليهم العقوبات، وهو أكثر من يعرف حال المؤسسات الصحفية وقدراتها المالية.
"مكرم" الذي يحدثنا اليوم ليس هو "مكرم" الذي أعرفه ويعرفه المتخاصمون معه قبل مريديه!!