رئيس التحرير
عصام كامل

محمد التابعي يكتب: عقدة الخواجة

محمد التابعي
محمد التابعي

في مجلة آخر ساعة عام 1949 كتب الكاتب الصحفى محمد التابعى مقالا قال فيه:


ترى ما هو نصيب مصر في الاحتفال الألفى بابن سينا؟ أم ترى أن مصر لا تنهض ولا تحتفل إلا بذكرى العالم الأجنبي؟

هذه كلمة فائرة حبستها في صدرى منذ زمن طويل، فمنذ بضعة أسابيع احتفلت مصر بذكرى الموسيقار "شوبان " ورأس لجنة الاحتفال ـــ إذا صدقتنى الذاكرة ـــ وزيرنا الأديب الطيب القلب دسوقى أباظة باشا.

وأكاد أراهن على أن معاليه لا يحفظ نغما واحدا لشوبان المذكور، ولا يفرق بين لحن لشوبان ولحن للشيخ المسلوب... لكنه التوريط أو التقليد.

ومن قبل احتفلت مصر وصحافتها بذكرى الشاعر "جيته" والموسيقار "واجنر" ومن قبلهما الفيلسوف "نيتشه" وزميله "شوبنهاور".

وفى كل عام يتسابق بعض أدبائنا إلى صفحات الجرائد ينشرون قلائد مديحهم احتفالا بذكرى شاعر فرنسى أو موسيقار ألمانى أو مصور إيطالى.

وكأن كل واحد منهم يريد أن يقيم الدليل على أنه ضليع في أدب الغرب.. ومقدر لأدب الغرب، وأيادى الغرب البيضاء على هذا الشرق المقفر المقعد الكسيح.

أما أن يذكر أحدهم شاعر الحكمة والفلسفة "المتنبى" بكلمة خير في ذكرى مولده أو ذكرى وفاته، أو يذكر موسيقيا حديثا كالموصلى، أو موسيقيا حديثا كعبده الحامولى، أو محمد عثمان أو سلامة حجازى.. وللثلاثة فضل وأفضال على الموسيقى الشرقية.. فحرام.. حرام.

أو لعلهم يخشون أن يتهموا بأنهم (بلدى) وذوقهم بلدى خالص يا مونشير.

إنه مركب النقص الدفين في البغض منا، هذا البعض الحريص على أن (يتمحك) دائما في الغرب، وكل ماهو آت من الغرب.. أما الشرق فشيء بلدى صحيح.
الجريدة الرسمية