«رفيقان في الدنيا والآخرة».. حكاية ضابط مات حزنا على صديقه مصطفى عبيد
ساعات قلائل فقط هي التي فرقت بين الصديقين، وأبعدتهما عن بعضهما، لم يتحمل الرائد المكلوم فراق رفيق الدرب لأكثر من 24 ساعة، غرق في بحر حزنه فور سماع نبأ استشهاد صديقه وزميل عمله الرائد مصطفى عبيد، أثناء محاولة تفكيك قنبلة لاستهداف الآمنين من الأقباط قبل الاحتفال بأعيادهم بمدينة نصر.
لم يقدِر الصديق الوفي على إيقاف سيل دموعه المنهمرة حزنا على موت خليله، لم يستطع مع فراقه صبرا، فاختار له القدر أن يلحق به سريعا متوفًى بهبوط حاد في الدورة الدموية، لتصبح فاجعة المصريين أمرّ، والمُصاب أقسى وأصعب، محتسبين إياه شهيدا كزميله البطل في جنات الخلد عند مليك مقتدر.
الرائد هيثم عهدي الضابط بإدارة الحماية المدنية بالقاهرة الذي توفي أثناء تأدية عمله، في النوباتجية بفرع الإدارة في الزيتون، جاءت وفاته لتدخل الحزن في قلوب المصريين بشكل عام، وآلمت أقاربه وأصدقائه بصفة خاصة، حيث قال عدد من زملائه إنه قضى ليلته حزينًا داخل عمله على استشهاد زميله الرائد مصطفى عبيد، ونقلوه في الصباح إلى المستشفى في حالة سيئة للغاية، فأخبرهم الطبيب أنه توفي.
وفاة الضابط الشاب حولت "فيس بوك" لما يشبه "دفتر عزاء"، تبارى فيه القاصي والداني على كتابة عبارات الحزن والنعى لفقيد الشرطة الذي لحق بزميله الشهيد حزنا عليه، فقال أحد أقاربه: "هيفضل موجود معانا بأولاده.. ربنا يحفظهم.. ربنا يرحمه ويغفر له ويصبرنا كلنا على فراقه"، ونعاه آخر، عبر صفحته على فيس بوك: "نحتسبه عند الله شهيدًا".
أحد أصدقاء الفقيد ذكر أنه عمل فترة قصيرة بقسم الظاهر فور تخرجه عام 2008، ومن وقتها كان على علاقة وثيقة بالرائد الشهيد مصطفى عبيد الذي تخرج عام 2006، فهو أكبر من الرائد هيثم بعامين.
صديق الشهيد أضاف أنه كان محبا لعمله، ويضرب به المثل بين زملائه في التفاني في العمل وعدم ادخار أي جهد لإنقاذ المواطنين، ما عرضه كثيرا لإصابات، لكنه كان يقابلها بابتسامة رضا على جعله سببا من المولى عز وجل في إنقاذ أرواح أبرياء وأطفال وشيوخ.
وتابع: "هيثم كان ظابط شاطر ومجتهد ومحبوب من كل زمايله وقياداته، مات وساب وراه مراته وطفلين آدم ومليكة، إحنا راضيين بقضاء ربنا، وبندعيله يجعله من أهل الجنة ونعيمها مع الشهداء والنبيين، كان دايما يتمنى الشهادة ونأمل من ربنا أنه يكون نالها".
جدير بالذكر أن الرائد هيثم عهدي تُوفي مساء الأحد الماضي، بعد ساعات قليلة من استشهاد الرائد مصطفى عبيد بإدارة المفرقعات التابعة لإدارة الحماية المدنية بالقاهرة، أثناء تأدية واجبه، وتفكيك قنابل وضعها مجهول أعلى سطح عقار أسفله مسجد، كانت تستهدف كنيسة أبوسيفين بمنطقة عزبة الهجانة في مدينة نصر.