فساد مستمر!
كلما تم الإعلان عن قضية فساد جديدة في المحليات متهم فيها رئيس أحد الأحياء، يثور السؤال لماذا يتورط هؤلاء في ارتكاب جريمة فساد، رغم أنهم يَرَون ويتابعون ما يحدث لمن سبق ضبطه في قضية رشوة وفساد من قبل؟! لماذا لا يتعظ هؤلاء من سقوط مسئولين في أيدي رجال الرقابة الإدارية لتورطهم في قضايا فساد؟! لماذا لا يراجعون تصرفاتهم ويقومون سلوكهم ويصححون أعمالهم، ويحمون أنفسهم من الوقوع تحت سيف القانون، ويجلبون لأنفسهم وأسرهم الفضيحة؟!
وهناك من بحث عن إجابة لهذا السؤال فربط بين خلفية هؤلاء العسكرية أو الأمنية الذين أوقعت بهم الرقابة الإدارية من المسئولين، خاصة من رؤساء الأحياء وبين تورطهم في جرائم الفساد، بينما هناك من يرى أن تكرار سقوط مسئولين جدد، وخاصة من بين رؤساء الأحياء في أيدي هيئة الرقابة الإدارية سببه تصور هؤلاء أن التغيير الذي حدث في قيادة الهيئة سوف يجعلها تحتاج إلى بعض الوقت قبل استئناف ملاحقتها للفساد والمتورطين فيه، ولذلك تصرفوا وكأنهم في مأمن وبعيدا عن رقابة رجال الرقابة الإدارية..
لكن الأغلب أن استمرار وقوع متورطين من المسئولين في قضايا فساد يرجع إلى أن ثمة مناخ إداري ما زال يحض على تورطهم في الفساد، مناخ إداري في العديد من الجهات والمؤسسات الحكومية يشجع ويحفز على ممارسة الفساد، ورغم ما تم اتخاذه من خطوات للإصلاح الإداري، سواء بتطبيق قانون الخدمة المدنية، أو بالمضى قدما بفصل مقدمى الخدمات العامة عن طالبيها..
فإن هذا المناخ ما برح يسيطر على الجهاز الإداري في البلاد، ولم يتم التخلص منه أو حتى الحد منه، وبالتالى ما زال المواطنون مضطرين لدفع الرشاوى الصغيرة أو الكبيرة للحصول على ما يحق لهم من الخدمات الحكومية.. وهذا المناخ المشجع على الفساد، ما برح أقوى من أي تحذير لهؤلاء المسئولين الذين يتم ضبطهم في قضايا فساد جديدة.