جازية الهلالية.. حكاية أول مصورة «فوتو سيشن» نسائي في الصعيد
كثيرات من يتمردن على واقع العادات والتقاليد، قليلات منهن من اتخذن التمرد بطابعه الإيجابي، لتشق لنفسها طريقًا ومجالًا للعمل، وقد يلقى تمرد الفتيات في كثير من الحالات، الانتقادات التي لا تخلو من «الغمز واللمز».
«هتشتغلي مصوراتية؟!»، كانت تلك أولى عبارات الانتقاد التي واجهتها صاحبة البشرة السمراء ميريت أمين، صاحبة العقد الثالث من عمرها، تقيم بإحدى قرى مركز دشنا شمال محافظة قنا، حيث بدأت حكايتها من الصور عندما جاءت إلى مدينة قنا في 2015؛ لحضور حفل خطوبة إحدى صديقاتها، وعند حضورها وجدتها حزينة لعدم وجود مصور لحفل الزفاف، خاصة وأن العروس منتقبة.
"فيتو" التقت بأول مصورة فوتو سيشن أسست فريق تصوير نسائيًّا على مستوى الصعيد بالكامل؛ لتصوير الفتيات في الأفراح الإسلامية.
قالت ميريت أمين: "منذ أن شاهدت حزن صديقتي المنتقبة أثناء احتفالها بخطوبتها لعدم وجود مصورة تقوم بتصويرها، بدأت أفكر في تدشين فريق نسائي لتصوير المناسبات والأفراح النسائية والفوتو سيشن، ووقتها قررت أن أذهب إلى المنزل، وأعرض الفكرة على المقربين مني".
وتابعت: «وقتها قلت لنفسي طيب ليه ما مسكش كاميرا وأصور؟!»، ووجدت موافقة من إحدى الصديقات التي شاركتني المشروع في البداية وبعدها، بدأنا في توسيع الفكرة إلى أن خرج من نطاق محافظة قنا ووصل إلى محافظات الصعيد بالأقصر وسوهاج، ووجدنا أن الأمر مقبولًا جدا من الجميع.
واستطردت: "عن أول فعالية «إيفنت» قام الفريق النسوي بتصويره، كان في مولد سيدي عبد الرحيم القنائي في 15 مايو في عام 2015، ووقتها كانت معي صديقتي سمر التي كانت معي في بداية المشروع ومع الأسف كان العدد قليلًا جدًا بسبب اختيارنا ليوم خاطئ، وهذا الأمر أثَّر فينا بعض الشيء ولكن لم يثنيني عن تحقيق الحلم".
وواصلت ميريت سرد قصة نجاحها وقالت: "بعدها اقترحت علي صديقتي سمر تكوين فريق تصوير، وأن يكون لنا اسم خاص بنا، وكنا في حيرة من أمرنا لتسمية الفريق باسم مميز يجذب الجميع، وتوقفت أمام اسم «جازية الهلالية»، أحد الأسماء المذكورة في السيرة الهلالية وقصتها كانت مرتبطة في أذهان الصعايدة ولها مكانة كبيرة، ولذا كان اختيارنا لاسم «جازية».
وبلغة فيها تحد وإصرار وفتح باب جديد للعمل استطرد "ميريت": "وفي الفترة الأخيرة بدأنا التفكير في التصوير للفيديو وليس الفوتوغرافي فقط، ولدينا متدربات في هذا المجال، وسنكون جاهزين خلال الفترة المقبلة لتصوير الأفراح بالفيديو، وبعد فترة قررت صديقتي سمر الانفصال عن الفريق فبدأنا في ضم عدد من الفتيات في محافظات أخرى لتشمل الصعيد بالكامل".
وتتجسد شهامة بنت الصعيد لتكمل إنسانيتها، رغم احتياجها للمال لتواصل تجرِبتها، وعن هذه المعادلة قالت: "قمنا بتصوير أول زفاف بالمجان نظرًا للظروف المادية للعروسين والتي لم تكن على ما يرام، ورفضت وقتها تقاضي أي مبلغ، وفي بداية عملي كانت صديقتي سمر مرافقة لي وهي مصورة محترفة أيضًا حتى نستطيع التوازن والتعامل مع أي موقف قد يحدث في الأفراح أو الفوتو سيشن في الأماكن العامة، إلا أنني بعد ذلك بدأت تحمل أغلب المواقف والتعامل معها بكل قوة وصلابة، وأصبح التصوير عاديًّا جدًا بالنسبة لي في الأماكن المفتوحة والعامة والأفراح أيضًا".
وعن نظرة الرجال في الصعيد للفتيات أضافت "ميريت": "وجدت تعاملًا من الرجال، على عكس ما كنت أتوقع في البداية، يدعو إلى الفخر وبخاصة عندما يأتي رجل لطلب تصوير عائلته بشكل خاص في مكان مفتوح، أو بعض الأحيان رجل يطلب تصوير عروسه وهذا الأمر أصبح يسعدني كثيرًا أن تجد ثقة من قبل الطرف الآخر في عملك خاصة في الصعيد، وهناك كثير من الرجال يطلبون مني التصوير بعد مشاهدتهم الصور".
وأشارت "ميريت" إلى أنه يتم اختيار أماكن التصوير بعناية فائقة وأهم شيء أن تكون بعيدة عن الازدحام، كما يتم اختيار الأماكن العامة المفتوحة الهادئة لإخراج صور طبيعية للفتيات والسيدات.
وعن أهم الصعوبات التي واجهت الفريق قالت "ميريت": "الصعوبات التي واجهتنا تتمثل في بعض المضايقات من الشباب، وكنا دائمي الاختيار في الأماكن التي بها تواجد أمني، إضافة إلى مشكلة التأخير في العودة إلى المنزل، فالأسرة ترفض المبيت أو حتى السهر لساعات متأخرة خارج المنزل إذا استدعى الأمر ذلك، وبخاصة عندما نكون في محافظة أو مدينة بعيدة ويتأخر الوقت، وهذا يستلزم أن يكون معي أحد أفراد أسرتي للعودة معي".
وأكدت أن رد فعل المواطنين تجاه الفكرة هو السبب في الاستمرار واستكمال المسيرة "رغم الصعوبات المادية التي تواجهنا بعض الأحيان خاصة أننا نقوم بشراء معدات ونتقاضى مقابلًا ماديًّا أقل بكثير، ولكننا نهدف في البداية إلى الانتشار وتوسيع دائرة الفريق في كل مكان، ولا أنكر أن من أصعب الأشياء التي تواجه أي إنسان ليس النجاح فقط بقدر الاستمرار في هذا النجاح وتحقيق مكاسب أكبر وأهداف متعددة".
وعن أول جلسة تصوير قالت «ميريت»، إنها كانت لسيشن فرح مهندس واستغرقت ما يقرب من 4 ساعات تقريبًا وكانت هذه من أصعب جلسات التصوير وأطولها بالنسبة لها.
وعن أمنيتها ردت «ميريت»، أن تحقق «جازية»، الانتشار في كل مكان، وأن يكون هناك مصورة في كل محافظة باسم الفريق وهذه أكثر الأمنيات التي تسعى إلى تحقيقها خلال الفترة المقبلة.