رئيس التحرير
عصام كامل

فن.. ضد المجتمع والعُرف والأخلاق


شريطٌ سينمائىٌ، مدته ساعتان، يحملُ فيلم "البدلة"، الذي يخوضُ به "تامر حسنى" سباقَ أفلام عيد الأضحى. النقادُ السينمائيون الموضوعيون يرونه فيلمًا تافهًا وسطحيًا، بغضِّ النظر عن الإيراداتِ المليونيةِ التي حقَّقها في الأيام الأولى لعرضِه.. للأسف.. الإيراداتُ ليستْ مقياسًا لنجاح العمل الفنى في مصر..


لأنَّ الذائقة المصرية تعرضتْ للتجريف في السنوات الأخيرة، فأصبحتْ تُقبل على "الردئ"، كما أنَّ أفلام العيد – بنظر تجار السينما الجدد- ذاتُ طابع خاص، والمقصودُ بـ "الطابع الخاص" هو "الإغراقُ في التفاهة".. الفيلمُ المذكورُ، بعيدًا عن قصته الخيالية الساذجة- يحوى قدرًا كبيرًا من الإيحاءات الجنسية ووصلات الردح.. وهذا هو بيتُ القصيد.

"تامر" – كعادته في أغانيه- يُقدِّم دروسًا ومصطلحاتٍ جديدة في "التحرش"، في الوقت الذي تنتفضُ فيه الدولةُ المصرية لمكافحتِه وتجفيف منابع الظاهرة الأسوأ في بلادنا.. في أحد مشاهد الفيلم.. يغازلُ "تامر" فتاة وضعتْ على وجهها قدرًا مبالغًا فيه من المكياج قائلًا:" بتقعدوا ساعتين وتلاتة أمام المراية عشان تضبطوا وشَّكم وفى الآخر إحنا بنبص في حتت تانية خالص"!!

عبارةٌ هابطةٌ ساقطةٌ سافلةٌ مُنحطة لا علاقة لها بسياق الأحداث وليس لها أية ضرورة درامية، ولكنها عادة "نجم الجيل" التي لا يتخلى عنها. في موازاةِ ذلكَ.. فإنَّ نصفَ إفيهات الفيلم كانت على "مؤخرة السنيد"، وهو الضابط السابق "أكرم حسنى"، وشارك معظمُ أبطال الفيلم، بمن فيهم السيدة الستينية "دلال عبد العزيز"، في "التلقيح والسخرية" على المؤخرة المذكورة! وللأمانة..

فإن فيلم "البدلة" ليس بدعًا من الأفلام السينمائية المصرية التي يتبارى مؤلفوها في حشد أكبر قدر من الإسقاطات الجنسية والإيحاءات الفجَّة، والترويج للسلوكيات المنحرفة، مثل: التطاول على الوالدين، والسخرية من الثوابت الدينية والأخلاقية. وأصبحَ من رابع المستحيلات أنْ تضبطَ عملًا فنيًا "فيلمًا/ مسلسلًا/ أغنية" يُروِّج ضمن أحداثه لـ "قيمة إيجابية"، ومن خامس المستحيلات أنْ تضبط "فنانًا/ مُشتغلًا بالفن" يقف في خندق الدفاع عن القيم الأخلاقية والمُثل العُليا، وكأنَّ الفنَّ لا يكونُ فنًَّا إلا إذا اقترنَ بالإسفاف.

يحدثُ هذا بوتيرةٍ مُتسارعةٍ، في الوقت الذي ينادى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مناسباتٍ مُتعاقبة، بضرورة تضافر الجهود لـ "بناء الإنسان المصرى"، وهذا البناءُ لن يتمَّ بأعمالٍ تتسابقُ في التدنى والرداءة.

إنَّ ما تقدمُه الجهاتُ الفنية – على اختلافها – في السنوات الأخيرة، لا علاقة له بالفن من قريبٍ أو بعيدٍ، ويجبُ أنْ تكون هناكَ خطواتٌ جادةٌ من جانب الدولة المصرية لكبح جماحها، لأن الشخصية المصرية أصبحتْ، منذ ثورة 25 يناير 2011، تتردى من سيئ إلى أسوأ، وتحتلُّ موقعَ الصدارة في التصنيفات غير الأخلاقية!
الجريدة الرسمية