ناتو عربي ضد العرب
بعد أن أصبح الواقع مستحيلًا، وأضحى المستحيل واقعًا في عالمنا العربي، لا تملك إلا أن تمسك برأسك قبل الانفجار، عواصم عربية تلهث من أجل بناء علاقات إستراتيجية مع الكيان المحتل، وذات العواصم تجري خلف إدارة ترامب من أجل بدء حرب طائفية لن تذر مع إيران، ما كان مستحيلًا أصبح واقعًا مخيفًا، وما كان واقعًا أصبح مستحيلًا في ظل حكام عرب فقدوا البوصلة، وفقدوا معها الصلاحية في البقاء جاثمين على صدور أوطانهم.
كاتب عربي يشكر القاتل، الدموى، العنيف بنيامين نتنياهو لأنه يقف بالمرصاد لإيران، حكام يزورون تل أبيب بليل، يتآمرون علينا وعلى قضيتنا، وعلى قدسنا، وعلى عرضنا، وعلى شرفنا، ذات الحكام يدفعون بنار الحرب صوب إيران، ذهبوا إلى الكيان المحتل بلا تفاوض، ضحوا بالأرض والعرض، وأصبحت قضية فلسطين ليست أولوية على أجنداتهم، بينما الخطر الإيراني هو الأولوية والأجندة والحرب المقدسة.
الذين ذهبوا إلى محتل غاشم ينهش عرضنا، ويهضم أرضنا، ويتسلى بقتل أبنائنا هم أنفسهم الذين لا يتصورون أنه يمكن إقامة حوار مع إيران، يسعون إلى ما يسمى بناتو عربي في مواجهة إيران، هذا الناتو الذي لم ينشأ في مواجهة احتلال غاشم بنص القرارات الدولية، يسعى الآن لإدخال المنطقة في حرب ستأكل الأخضر إن كان لا يزال لدينا أخضر، وستلتهم اليابس بلا هوادة.
يبدو أن الأمة العربية فقدت أصولها، وجارت على هويتها، وتستعد الآن للذوبان في محيط هادر من الدم، ينصاع العرب لمقصلة أمريكا التي تسلت بنا طوال سبعين عامًا، كانت خلالها وقود القتل والدمار لنا، وخير معين لكيان مغتصب وُضع في عالمنا ليكون أكبر قاعدة عسكرية للغرب وأمريكا، بعضنا صهاينة أكثر من "صهينة نتنياهو" نفسه، بعضنا أكثر عمالة من الجواسيس والخونة.
عشت مثل كل مواطن عربي على ثوابت تهتز الآن، تتزحزح عن مضامينها، مطلوب من كل عربي أن يمسح التاريخ من رأسه، أن ينسى أنه فقد أباه، أو أخاه، أو ابنه في المعركة المقدسة من أجل تحرير الأرض، نخون الدماء الزكية التي سالت وروت الأرض، فماذا نقول للأجيال القادمة، هل نقول لهم إننا قتلنا أبناءنا في حروب الضلال ضد إخوتنا وأشقائنا من بني صهيون؟! هل نقول لهم إن الأرض لم تكن أرضنا وأننا أردنا احتلال أراضيهم المقدسة؟! هل نقول لهم إن الأرض لم تعد عربية بل إنها الآن تتحدث بالعبرية.. وها نحن ذاهبون لحرب مقدسة ضد إيران!!
على عقلاء الأمة ومفكريها، شبابها وشيوخها، بناتها ونسائها أن يقفوا بالمرصاد ضد حرب طائفية ستقضى علينا جميعا، لن يكون فيها رابح، الكل خاسر، فعدونا التاريخي لا نجهله ولا نحتاج إلى حاكم يعلمنا أو يوجهنا، نعرف من قتل أولادنا.. من يحاربنا.. من يحتل أرضنا، ونعرف أكثر أن شيطان واشنطن لا يقود إلى خير، فهو الشر، والشر هو، لسنا بحاجة إلى قائد عربي يعترف من جديد بأنه فعل في الأمة ما فعل من أجل حلفائه في الغرب.
لا يلدغ المرء من جحر مرتين، وقد لدغتنا عقارب الجحور العربية العميلة لسنوات، خاضت حروبا ضد الأمة، ولا تزال تخوضها من أجل الحلفاء، علينا جميعا أن نتصدى للموت القادم على أجنحة الطائرات الأمريكية، علينا مواجهة الضلال الأمريكي بغطاء عربى، لسنا بحاجة إلى حروب مع إيران؛ فالحوار ممكن، والبناء ممكن، أما إن كانت حربًا فلا بد وأن تكون في الاتجاه الصحيح.. حرب ضد المحتل!!