رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ المربي الكامل


عزيزي القارئ يسعدني أن أقدم لك سلسلة مقالات عن الطريق إلى الله تعالى، وكيفية سلوكه، والأسس التي يبني عليها، وعن من هو الشيخ المربي الكامل، وعن المريد وآداب الطريق وعن منهج السلوك، ومقامات الطريق، والعقبات التي تعترض سالكي الطريق، والمراحل والأحوال التي يتقلب فيها المريد، وكيف يبدأ في بداية سلوكه الطريق إلى الله، ومتى يرتقي من درجة المحب إلى درجة المحبوب، ومن كونه طالبًا إلى كونه مطلوبًا لله تعالى.


ولنبدأ في هذا المقال بتعريف الشيخ المربي.. في مطلع السبعينيات التقيت الكثير من المشايخ الذين ينتمون إلى الصوفية وكانت أحوالهم مختلفة، وكل واحد منهم يقدم نفسه على أنه الشيخ المربي الكامل، وأنه من أخص أهل التربية أنه وارث محمدي ومن أقطاب العصر، وكان ذلك قبل أن ألتزم بأبي الروحي وشيخي وأستاذي، ووقعت في حيرة أيهم على حق؟ وأيهم أتبع؟

فلما رجعت إلى شيخي وأستاذي، العارف بالله العالم الجليل الشيخ أحمد يوسف البيه، الذي تتلمذ على يده الشريفة أكابر علماء العصر في بداية طلبهم للعلم بالأزهر الشريف، في زمن الأعمدة، وكان من جملتهم الشيخ صالح الجعفري، والشيخ محمد صبرة صاحب المقام المجاور لمقام سيدي علي زين العابدين، والشيخ عبد ربه رضي الله عنهم جميعا، وسألته، عن من هو الشيخ المربي الكامل الذي أُسلم له روحي وعقلي وقلبي وأَكن بين يديه كالميت بين يدي المُغسل يقلبني كيفما شاء؟!..

فأجابني قائلا، الشيخ المربي الكامل وارث محمدي يدعُ إلى الله على بصيرة من ربه وبينه، وهو الذي تخاطبك جوارحه قبل لسانه، وهو الذي ينهض بك حاله مع الله، ويدلك عليه تعالى بمقاله.. فقلت كيف أعرفه، فقال، له ثلاثة أركان وأربع فرائض واثنى عشر صفة..

فأما الأركان الثلاثة هي.. أن يدل على الله بأقواله وأعماله وأحواله، وأما الفرائض الأربع هي: شريعة وطريقة وحقيقة ومعرفة..

الشريعة.. يجب أن يكون عالما بالشريعة الغراء، على الأقل بما تصح به العبادات والمعاملات، وذلك لأن الشريعة هي الأساس الذي ينطلق منه سالكو طريق الله تعالى.. والطريقة.. لا بد أن يكون سلك الطريق الذي معناه قطع أوصاف النفس السبعة بالعبادة والذكر والمجاهدة ومخالفة النفس وهذه الأوصاف هي:

الأمارة، واللوامة، والملهمة، والمطمئنة، والراضية، والمرضية، والنفس الكاملة.. هذا بالنسبة للفريضة الثانية، أما عن الفريضة الثالثة وهي الحقيقة، هي أن يكون ممن ارتقوا من إيمان الغيب إلى إيمان الشهود، وهذا يلزمه شرح.. ثم تأتي الفريضة الرابعة وهي المعرفة ومعناها أن يكن عالما بعلل النفس وأمراضها عارفا بدواء كل داء فيها..

هذا عن الفرائض الأربع.. هذا ولا بد للشيخ الكامل أن يتصف بإثني عشر صفة وهي كالتالي.. صفتان من الله وهما العلم والسر، وصفتان من رسول الله عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام وهما الشفقة والرحمة، وصفتان من سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهما الصدق والتصديق، وصفتان من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهما الزهد والشجاعة، وصفتان من سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وهما العفة والكرم، وصفتان من سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهما العلم والعمل..

هذه هي صفات الشيخ المربي الكامل الذي يطبب الأنفس وتتذكى على يديه الذي يقود الأرواح في رحلة عروجها إلى ربها سبحانه.. عزيزي القارئ كان هذا المقال عن تعريف الشيخ المربي الكامل ونلتقي بمشيئة الله في المقال التالي من السلسلة وسيكون موضوعه عن المُريد وآداب الطريق..
الجريدة الرسمية