رئيس التحرير
عصام كامل

خيالات «عبد المنعم سعيد»


أدهشني الدكتور "عبد المنعم سعيد" بما أسماه "تحليل الخطاب: ٥٧٣٥٧" وهو عنوان مقالته التي نشرتها الزميلة المصري اليوم، حيث حاول الرجل أن يسبغ عليها من بنات أفكاره، باعتباره مفكرًا كبيرًا- حسب وصف البعض- ما ليس فيها، عندما أراد أن يختزل الجدل الدائر حول أداء الإدارة، فخلط بين الإدارة والمستشفى بطريقة غريبة، وخلص سيادته إلى أن من تناولوا القضية "اتخضوا" من رقم المليار جنيه الذي استطاع المستشفى جمعه من التبرعات.


وأظن أن المفكر الكبير قد جانبه الصواب فيما ذهب إليه، إذ إن "الخضة" التي تحدث عنها لم تكن في المليار، وإنما في طريقة إنفاق المليار، أما القول بعالمية المستشفى في العلاج، فإنه خطيئة كبرى، إذ إن العالمية لا تعني اختيار المرضى بالوساطة والمحسوبية، ولو قرأ سيادته عن آنات وعذابات بعض من هربوا من المستشفى، وكتب الله لأبنائهم السلامة، بعد أن قررت الإدارة وضع أطفالهم تحت العلاج التلطيفي استعدادا للموت لما كتب ما كتب.

الدكتور "عبد المنعم سعيد" يرى أن المستشفيات العالمية تعلن عن نفسها، دون أن يقول رأيه في استخدام الأطفال المرضى بهذه الصورة اللإنسانية في ابتزاز خلق الله، واللعب على عاطفة الناس، واستخدام صور لمرضى لا يمكن وصفها إلا بأنها حالة لا آدمية في الحصول على دعم الجماهير العريضة، أما الحديث عن تفرغ الأطباء فإنه بعيد تمام البعد عن حالات الإنفاق المستفزة فيما هو أبعد من ذلك.

أراد الدكتور المفكر أن يخلق حالة توافق مجتمعي، من خلال طرح اسم القوات المسلحة والفنانين والأدباء والمثقفين والأزهر والكنيسة من خلال ظهورهم في إعلانات المستشفى، وهو أمر مدهش وغريب وعجيب، خاصة إذا ما علم "عبد المنعم سعيد" أن زوار المستشفى يفاجأون بكاميرات تصورهم أثناء الزيارة، ومن ثم عرضها كإعلانات وهو أمر مثير للشفقة، وليس دليلا على توافق حول الإدارة بقدر ما هو توافق حول فكرة إنسانية تلاعبت بها إدارة غير رشيدة.

لم يتحدث الدكتور "عبد المنعم سعيد" عن توسعات يجري العمل بها، وصلت إلى أكثر من أربعة مليارات جنيه، لا تتضمن زيادة في عدد الأسرة أو غرف العمليات أو ما يخدم العملية الطبية، أما القول بمسألة العلم والبحث، فإنه أمر مشكوك فيه، وهو أيضا محل تحقيقات تجري جهات رسمية العمل على الوصول إلى حقيقته، خاصة أن العمل البحثي تحدده قوانين وقواعد، نتمنى أن يكون المستشفى قد اتبعها.

يجزم الدكتور "عبد المنعم سعيد" أن "الخضة" من الأرقام لا مبرر لها، خاصة أن أحدا لا يعلم شيئا عن إنفاقها.. دون أن يرى أن فكرة عدم العلم بما يدور في مسألة الإنفاق هي اتهام صريح من سيادته بعدم الشفافية، خصوصا وأن معركتنا مع الإدارة كانت حول الشفافية، وقد طالبنا بنشر ميزانية المستشفى على الناس ورفضت الإدارة ذلك، إضافة إلى أننا نشرنا تفاصيل من ميزانية ٢٠١٧ م وأرقامها الشاذة.. إذن نحن نعرف ما كتبنا عنه أما الدكتور "عبد المنعم" فإنه لم يقرأ جيدا!!

يبرر الدكتور "عبد المنعم سعيد" فكرة التجارب السريرية، ويعتبرها "نيشانا" ودليلا على أن المستشفى أصبح عالميا ومعترفا به، دون أن يتطرق سيادته إلى القواعد الحاكمة لذلك، ويقول: "إن الأدوية التجريبية لا تستخدم لدينا أو في العالم المتقدم إلا عندما يصل المريض إلى حالة متأخرة، لم تعد الأدوية والحلول المتاحة تنفع معها"، وهذا يعني أن الدكتور يرى أنه لا غضاضة في تجربة دواء قد يعجل بوفاة طفل، والاستفادة منه باعتباره فأر تجارب.. وأظن أن فكرتك شاذة يا دكتور!!

أظن أن الدكتور "عبد المنعم سعيد" كان بحاجة إلى قراءة تفاصيل الأرقام التي نشرناها، حتى لا يصبح مقاله مجرد خيالات لا يراها إلا هو..
الجريدة الرسمية