روح ثورة «يوليو».. والبكاء على الأطلال
عقب ثورة يوليو 1952 شهدت مصر عصرها الذهبي في النهضة التعليمية لكل المصريين وظهور مجانية التعليم لكل الطبقات على يد "طه حسين" وقتها، لكن عبد الناصر كان له أثر كبير على النهضة التعليمية لا يقل عن إنجازاته في شتى المجالات وقتها، فقد ألغى عبد الناصر مسمى وزارة المعارف، وأطلق عليها وزارة التربية والتعليم، لإدراكه أهمية التربية في تأسيس الأجيال المقبلة..
وكان لإدخال عنصر التربية في الوزارة صدى كبير، حيث شهدت المدارس في مختلف المحافظات ألوانًا عديدة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية وكانت المدرسة في ذلك الوقت تحل محل الأسرة، لكن الوضع فيما بعد اختلف بنسبة 100% عن أيام «عبد الناصر»، إذ افتقدت المدارس الدور الأساسي لها، حتى الإصلاح القائم على المدرسة الذي اعتمد عليه "عبد الناصر" طوال عهده فقد دوره، وذلك يعد أحد أسباب الظواهر السلبية التي انتشرت مؤخرًا بين الطلبة في المدارس.
"عبد الناصر" اهتم كثيرًا بمشروع محو الأمية الذي كان من المخطط أنه سيمحو أمية مصر خلال 3 سنوات، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد وفاته، ومضاعفة عدد السكان أصبحت الأمية خطرًا يهدد المجتمع، ولم يستطع المسئولون من بعده القضاء عليها، حتى المبادرات والبرامج التي وضعت ضمن برامج الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي في 2014 التي كان من المفترض أننا سنجني ثمارها بعد 3 سنوات، توقفت وأصبحت حبيسة الأدراج بعد رحيل الدكتور محمود أبو النصر وزير التعليم الأسبق، الذي وضع أول برنامج حقيقي لمحو الأمية في إستراتيجية 2014.
ما يحدث في التعليم الآن عكس ما فعله «عبد الناصر» في جميع المراحل، إذ اهتم بالتعليم الابتدائي، وأضاف له سنة أخرى لأهميته، إضافة إلى أنه قام بعمل ما يسمى بالتعليم المتخصص، ففي المناطق الريفية خصص حصتين لمادة الزراعة، بحيث إن الطالب بمجرد أن ينهي المرحلة الابتدائية أو الإعدادية يستطيع العمل في مجال الزراعة، لكن حاليًا قد ينهي الطالب المرحلة الابتدائية ولا يعرف الكتابة والقراءة، فمنذ نحو عامين قامت الوزارة بعمل اختبار لقياس مستوى القراءة والكتابة، لكن نتائجه كان صادمة بالنسبة لهم إذ فوجئوا أن أكثر من مليون طالب لا يجيد الكتابة والقراءة رغم التطور التكنولوجي، ولذلك تعتبر المقارنة بين التعليم حاليًا والتعليم في عهد "عبد الناصر" ظالمة.
بحكم علاقات "عبد الناصر" الجيدة بزعماء العرب في ذلك الوقت، كان يعتمد على إرسال بعثات خارجية، سواء في مرحلة التعليم الجامعي أو قبل الجامعي، ووضع برنامج لإرسال المبعوثين في بعثات صيفية وأخرى طويلة لجميع أنحاء العالم، لكن بعد عهده حتى أوائل التسعينيات انخفض معدل إرسال مبعوثين، ثم انتعشت إلى حد ما في عهد حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق، وبعدها توقفت تمامًا لعدة سنوات حتى أعادها مرة أخرى الدكتور محمود أبو النصر، وزير التعليم الأسبق، ثم توقفت نهائيًا رغم أهميتها في نقل ثقافات أخرى لبلدنا.
Tarek_yas64@yahoo.com