رئيس التحرير
عصام كامل

«اقتصاد داعش.. إمبراطورية من ورق».. خطة «مصيدة الفقر» تتسبب في انهيار بيت مال التنظيم.. ضرب مصافي النفط وتجريسه إنسانيا يوقف جميع عوائده المالية... إسقاط آخر حصونه المالية بمحاصرة

إبراهيم ربيع، الباحث
إبراهيم ربيع، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية

لا حديث في العالم الغربي وربما العام بأكمله إلا عن اقتصاد داعش، الجميع يتساءل، أين ذهبت أموال التنظيم الشاذ؟ كيف انهارت حصونه الاقتصادية التي كان يدعي أن بلدان العالم مكتملة لا يمكنها التأثير في اقتصاده؟ بعدما حوله إلى ذهب ونحاس وحديد، تصب جميعا في "بيت ماله" الذي كان يعتبره أقوى وأشد بأسًا من "البنك الدولي".


الصندوق الأسود لاقتصاد داعش

مصادر عدة اتبعها داعش منذ 2014 لتقوية ذراعة المالي، كان العالم شغوفا بشدة منذ ذلك التاريخ، بالبحث عن الصندوق الأسود للتنظيم، تنمرت ميليشيات أبو بكر البغدادي في تلك الفترة وتوحشت بشدة، كان من الصعب للغاية تتبع مصادر أموال داعش، التي يتكئ عليها لتحقيق أهدافه التوسعية.

ذهبت كل الجهود أدراج الرياح، بسبب التنظيم الحديدي المنغلق، انعدام التغطية المعلوماتية لجميع المناطق التي يسيطر عليها التنظيم عقد المهمة أكثر وأكثر، لم يعرف الإعلام طريق لمملكة الموت إلا من خلال التنظيم نفسه، وعبر محتوياته الدموية التي كان ينتجها لإرهاب العالم، إلا أن نهاية 2014، بدأت العديد من المراكز البحثية، تلجأ لتكتيكات جديدة لمعرفة مصادره المالية الحقيقية.

جرى تتبع المنشقين عنه، سواء الذين تحولوا إلى جماعة أخرى أقل قسوة، أو الذين تم القبض عليهم، للبحث عن أي وثيقة تكشف أسرار الإمبراطورية المالية للتنظيم؛ بدأ العالم يستكشف أن التنظيم يستند بشكل أساسي على أموال الزكاة وعوائد النفط، والنهب ومصادرة الأملاك والغرامات، وهي أهم المعلومات التي جمعها في حينها للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، الذي لم يصل في الوقت نفسه إلى دليل واضح ومتماسك عن حجم ومصادر التمويلات الخارجية للتنظيم، التي يعتمد عليها أيضا ضمن مصادره الأخرى.

حصار مالي


منذ بداية عام 2015، شهد التنظيم عاصفة من الغضب، وحالة من الإصرار على انتزاعه من الحياة، وبمحاصرته ماديا بدأت تظهر مؤشرات تؤكد انهيار عائدات التنظيم السنوية، وبحسب منظمات معنية بالأمر، تراجع الاحتياطي النقدي لداعش من من 1.9 بليون دولار، إلى 870 مليون فقط بعد محاصرته بعام واحد، وهي التقديرات التي نشرها المركز القومي للبحوث، المعني بشئون الحركات الإرهابية، والمتخصص فيها.

وقع التنظيم على أول طريق الهلاك، بعدما نجحت القوى الدولية في الإيقاع به بـ"مصيدة الفقر"؛ المال هو المحرك لكل شيء مهما ادعى الأصوليون والمتطرفون عكس ذلك، يمكن ملاحظة ذلك من خسارة داعش نحو 62% من الأراضي التي يسيطر عليها في العراق، في 2016، وأكثر من 30% من سوريا، بحسب تقارير قوات التحالف في نوفمبر 2017.

أحُكم الخناق على داعش، عملت أجهزة المخابرات العالمية عبر أفرادها المدسوسين في كل شبر من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، على تحريض أصحاب الأعمال التجارية لغلقها، وضرب حنفية الضرائب، وتدمير مورد مهم بالتبعية للتنظيم، وأعقب ذلك تم تحرير مدينة الموصل العراقية، وهي أكبر مصدر كان يدّر عليه أموالا لا تحصى في السابق.

من البداية عملت القوى الدولية على تدمير خطوط سير النفط، الذي كان يضخ للتنظيم نحو 800 مليون دولار، وتم استهداف المصافي أولا، ثم تدمير مخازن الشاحنات الناقلة، لتهبط عوائد التنظيم بحلول عام 2016 إلى 250 مليون دولار فقط، وتنجح عملية استنزافه ماليا بشدة، بجانب إحكام الخناق على مصادر التبرعات، التي كان يتلقاها في السابق من بعض دول الخليج، التي تم تجريسها بعد ضبطها بالتعامل بطرق ملتوية، لتمويل التنظيم دون أدنى مسئولية عليها.

تلاعب بالتاريخ من أجل المال

يرى إبراهيم ربيع، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن التنظيم الإجرامي كان هدفه من البداية حصد الغنائم والأموال فقط، ولم يترك مكانا تشتعل فيه مسببات الفوضى إلا وطرقه بمنتهى القوة، توحش في سيناء خلال عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وزحف إلى ليبيا أيضا بجانب وجوده في العراق وسوريا، ليبيا.

يؤكد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الفضائح الإنسانية للتنظيم وتحطيمه لآثار مدينة تدمر الأثرية السورية، كشفت عن تلاعبه بالتاريخ من أجل المتاجرة في الآثار، موضحا أنه كان يقوم بعمليات تنقيب ممنهجة بمحاذاة ساحل المتوسط في محيط درنة وسرت، وهو ما جعل العالم يتوحد ضده رغم أنه شارك في الخيانة بتأسيس ورعاية هذه الجماعات الإرهابية، وفي القلب منهم الإخوان.
الجريدة الرسمية