هل وزير التعليم طبقي؟!
هل يؤمن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بفكرة الطبقية وأنه لا يمكن المساواة بين من يملك ومن لا يملك؟! وهل يؤمن المسئول الأول عن تعليم الأجيال القادمة أنهم لا بد أن يتربوا على التمييز والعنصرية أم يؤمن بأنه لا بد وأن تربي المدارس أجيالًا تنبذ تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة وأنه لا بد وأن يتعلم الجميع نفس القيم ويحصلون على نفس القدر ونفس الجودة في التعليم، وأنه مسئول عن تعليم أبناء المصريين جميعًا وليس مسئولًا عن تعليم أبناء القادرين فقط؟!
تلك التساؤلات وجدتها تتصارع في رأسي، عندما طالعت البيان الرسمي الصادر عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في 2 يوليو الجاري والخاص بفتح باب القبول في المدارس اليابانية للعام الدراسي القادم، حيث ورد في الفقرة الثانية من البيان على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم السيد أحمد خيري ما نصه: "إن هذه المدارس تخدم الطبقة المتوسطة التي تهدف إلى أن يتلقى أبناؤها تعليمًا متميزًا"، وجاء ذلك في معرض تبرير الوزارة لسبب تحديدها مصروفات الدراسة بـ 10 آلاف جنيه سنويًا يتكلفها ولي أمر الطفل في تلك المدارس.
وفي اعتقادي أن تلك الجملة لم يتم وضعها اعتباطًا، ولم ترد في متن البيان على سبيل السهو، وإنما مقصودة بنصها وبمعناها، وهي تفسر كثيرًا من الأمور التي تحدث داخل وزارة التربية والتعليم، ويمكنها أيضًا أن تساعد على تفسير رؤية وزير التربية والتعليم الحالي تجاه قضية مجانية التعليم، وتدفعنا للتساؤل حول التوجهات الطبقية وأن التعامل مع الطلاب القادرين سيختلف عن التعامل مع غيرهم من غير القادرين على الدفع مقابل الخدمة.
كما يبرز تساؤل آخر في تلك الجزئية، حول العقد القائم بين الشعب والدولة والمتمثل في الدستور، فهل خالفت وزارة التربية والتعليم نصوص الدستور في المواد المتعلقة بالعملية التعليمية، حيث تنص المادة رقم 19 على:
"التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها".
لم يفرق الدستور في هذه المادة بين تعليم الأغنياء أو القادرين وبين تعليم الفقراء، كما أنه نص على أن التعليم حق وليس سلعة تتاجر بها الوزارة، وتخصصها لمن يدفع، فجميع المواطنين من حقهم الحصول على خدمة تعليمية بجودة عالمية، فماذا فعلت الوزارة تجاه تنفيذ نصوص الدستور؟
أعلنت صراحة وفي بيان رسمي أن المدارس اليابانية وهي التجربة الحكومية التي تسعى الوزارة إلى تطبيقها لتوفير تعليم بمعايير عالمية إنما هي مخصصة لأبناء القادرين الراغبين في تعليم أبنائهم تعليممًا متميزًا، وكان البقية لا ترغب في تعليم أبنائه تعليما متميزا، واستخدمت الوزارة لغة الإعلانات والدعاية التي تلجأ إليها المؤسسات الخاصة للترويج لنفسها وأنها تقدم خدمات مميزة، فهل يمكن بعد هذا أن نتساءل عن طبقية وزير التعليم؟!