رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: سيادة العميد عذرا

فيتو

في مجلة روز اليوسف عام 1958 كتب الأديب إحسان عبد القدوس مقالا قال فيه:

الأستاذ العميد الدكتور طه حسين لا يزال يصر على اتهام الأدباء الشبان بالخطف والسطحية.. أي إنهم يخطفون الثقافة خطفا دون تعمق ولا تأمل.
وأخشى أن أقول أن الأستاذ العميد يحيط في حكمه على الشبان بين الثقافة وبين وسيلة تحصيل الثقافة.
لقد تغيرت وسيلة الثقافة وأصبح الشاب الذي يواظب على قراءة مجلة محترمة يستطيع أن يحصل في مدى عام من الثقافة على ضعف ما كان يحصله شاب عاش منذ ثلاثين عاما، وقضى من عمره عشر سنوات يجرى وراء الثقافة كما أصبح الشاب الذي يدخل مكتبة يستطيع أن يخرج بعد نصف ساعة مزودا بعشرات الكتب في مختلف الفنون والذي يواظب في التردد على دور السينما يستطيع أن يعرف عن العالم قدر ما كان يعرفه أحد علماء الجيل الماضى.
إن الحواجز التي كانت تجعل من تحصيل الثقافة مهمة شاقة.. قد رفعت ولم تعد اللغة عائقا.. ولم يعد الأسلوب الجاف عائقا ولم يعد نقص الكتب وتأخر الطباعة عائقا والذي يسافر إلى الإسكندرية بالطائرة لا يعتبر خطافا، والذي سافر إلى الإسكندرية على ظهر حمار لا يعتبر متعمقا ولا متأملا.. لكن كلاهما يصل إلى الإسكندرية بطريقة مختلفة.
وإنى أعترف أن الجهد الذي بذله الدكتور طه حسين في تحصيل ثقافته لا يمكن أن يبذله أي شاب من أدباء الجيل الجديد.
ذلك لأن التقدم أغنانا عن هذا الجهد، بل أن الدكتور طه حسين نفسه كان عنصرا من عناصر التقدم الذي يقرأ كتب طه حسين يستطيع أن يستغنى عن كثير من كتب المستشرقين وكثير من كتب الأقدمين دون أن يكون قد خسر شيئا.
إننا نبدأ من حيث انتهى من سبقنا، وطه حسين يريدنا أن نبدأ من حيث بدأ هو.. ومعنى ذلك أنه يريد للحياة أن تقف.
الجريدة الرسمية